غطرسة الاحتلال.. إسرائيل تمنع زيارة وفد وزاري إلى رام الله والأردن يستضيف لقاء طارئاً

في مشهد يعكس تصاعد التحدي الإسرائيلي للمجتمع الدولي والشرعية الفلسطينية، استقبل العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأحد، في قصر الحسينية بالعاصمة عمّان، وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلّفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة، في خطوة بديلة بعد أن منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي دخول الوفد إلى مدينة رام الله.
الاجتماع الذي عُقد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر تقنية الاتصال المرئي، جاء في إطار التحركات العربية والإسلامية المنبثقة عن القمة الاستثنائية التي عقدت في الرياض بشأن غزة، وضمّ وزراء خارجية من السعودية، والبحرين، ومصر، إلى جانب أمين عام جامعة الدول العربية، ووزير خارجية الأردن المستضيف.
تعنت إسرائيلي
وكان من المقرر أن يزور الوفد مدينة رام الله يوم الأحد، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت عبور الطائرة التي تقل الوفد عبر أجواء الضفة الغربية، مما أدى إلى إلغاء الزيارة، في خطوة اعتبرتها الدول المشاركة "خرقاً فاضحاً" لالتزامات إسرائيل بصفتها قوة احتلال، وفقاً للقانون الدولي.
وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأردنية أن هذه العرقلة الإسرائيلية تعكس بوضوح غطرسة حكومة الاحتلال وعدم اكتراثها بالمبادئ القانونية والإنسانية، واستمرارها في نهج تقويض أي مساعٍ لتحقيق سلام عادل وشامل. كما شدد البيان على أن هذه السياسة الإسرائيلية تُعزز من عزلة القيادة الفلسطينية، وتضيف تعقيدات إضافية إلى مساعي وقف إطلاق النار وحل الأزمة المتصاعدة في غزة.
جهود دولية
الوفد الوزاري كان يعتزم بحث سبل دعم الجهود الدولية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة نتيجة القصف المستمر، والحصار الممنهج، والانهيار الشامل للبنية التحتية والخدمات الطبية في القطاع. كما كانت الزيارة تهدف إلى تنسيق المواقف قبيل المؤتمر الدولي المرتقب في يونيو المقبل، الذي دعت إليه السعودية وفرنسا، ويهدف لإعادة إحياء مبادرة حل الدولتين بدعم إقليمي ودولي واسع.
ويقرأ محللون هذه الحادثة كمؤشر إضافي على المأزق الدبلوماسي الذي تواجهه القضية الفلسطينية في ظل تصعيد إسرائيلي لا يراعي الضغوط الدولية ولا المبادرات العربية، وسط غياب واضح لموقف موحد من القوى العالمية، خاصة بعد التغيرات السياسية في الولايات المتحدة وتأرجح خطابها تجاه إسرائيل.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة، ويفاقم معاناة المدنيين، فإن تعطيل إسرائيل لجهود الوساطة الدبلوماسية لا يعكس فقط تحدياً للمبادئ الدولية، بل يدفع نحو مزيد من القطيعة والعنف، ويضع المنطقة بأسرها على شفا انفجار إقليمي أوسع.
أرقام صادمة ومأساة متفاقمة
بحسب وزارة الصحة في غزة، فقد ارتفع عدد الشهداء في القطاع إلى 54,418 شهيدًا منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، فيما بلغ عدد الجرحى 124,190، بينما لا يزال العديد من الضحايا تحت الأنقاض، في ظل عجز فرق الإنقاذ والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب استمرار القصف وغياب المعدات.
وفي الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط، وصل إلى مستشفيات القطاع 37 شهيدًا و136 مصابًا، بينهم خمس جثامين انتُشلت من تحت الأنقاض. في ظل هذه الأرقام، بات من الواضح أن التصعيد الإسرائيلي تجاوز مرحلة "الردع العسكري"، ليدخل في عمق الكارثة الإنسانية.