خطة السلام على المحك.. ”حماس” تراجع الرد الإسرائيلي وسط شكوك حول جدوى المقترح الأميركي

في تطور حاسم لمسار المفاوضات المتعثرة بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أنها تلقت رسمياً الرد الإسرائيلي على المقترح الأميركي الجديد، الذي يتضمن وقفاً مشروطاً لإطلاق النار وصفقة تبادل أسرى. لكن الحركة، بحسب ما صرح به القيادي باسم نعيم لوكالة "رويترز" اليوم الجمعة، ترى أن الرد الإسرائيلي لا يلبّي أياً من "المطالب العادلة والمشروعة" للشعب الفلسطيني، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول إمكانية المضي قدماً في هذه المبادرة.
المقترح الأميركي، الذي كُشف عن تفاصيله اليوم، يعكس محاولة طموحة لإحداث اختراق في جدار الأزمة المستمرة منذ شهور، عبر خطة مرحلية تقضي بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، تبدأ بإطلاق سراح 28 رهينة إسرائيلياً — بين أحياء وأموات — في مقابل الإفراج عن 125 سجيناً فلسطينياً محكوماً عليهم بالسجن المؤبد، وتسليم رفات 180 فلسطينياً استشهدوا خلال المواجهات.
الإفراج عن الرهائن
وتشمل المبادرة أيضاً بنداً محورياً ينص على الإفراج عن آخر دفعة من الرهائن الإسرائيليين وعددهم 30، فور التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، ما يجعل من تنفيذ الاتفاق مشروطاً بحسن النوايا والتقدم السياسي على الأرض. كما تنص الخطة على ضمانات تقدمها الولايات المتحدة، من خلال الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى جانب مصر وقطر، لتأمين تنفيذ الالتزامات من كلا الطرفين.
لكن الإشارات القادمة من "حماس" توحي بتحفظ واضح، بل وربما رفض ضمني للخطة بصيغتها الحالية. فرغم تأكيد الحركة على دراسة الرد الإسرائيلي بـ"دقة"، إلا أن استبعادها المسبق لتلبية الرد لأي من المطالب الفلسطينية الجوهرية، يشير إلى أن المفاوضات قد تدخل مجدداً في حالة جمود.
تصاعد الضغط الشعبي
من جانب آخر، يشير المشهد الإسرائيلي الداخلي إلى تصاعد الضغط الشعبي على الحكومة. فقد شهدت تل أبيب تظاهرات متواصلة، رفعت فيها لافتات تُبدي ثقة في قدرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على التوصل إلى صفقة تضمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس". ويأتي ذلك وسط تزايد قلق عائلات الرهائن، التي نظّمت احتجاجات واسعة طالبت فيها بتسريع تنفيذ صفقة تبادل تضمن عودة أبنائهم.
البيت الأبيض أعلن، يوم أمس الخميس، أن الحكومة الإسرائيلية وافقت رسمياً على المقترح الأميركي، ما يعكس قبولاً مبدئياً من تل أبيب في ظل ضغوط داخلية وخارجية. غير أن نجاح الخطة يظل رهيناً بمدى استجابة "حماس" وموافقتها على بنود لا تزال محل خلاف جوهري، خصوصاً فيما يتعلق بتوقيت وقف إطلاق النار الدائم، وضمانات رفع الحصار، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لغزة.
تأتي هذه التطورات في لحظة حرجة، حيث يبدو أن الأطراف المنخرطة في النزاع تتقاذف الكرة السياسية في ظل معاناة إنسانية متفاقمة في القطاع المحاصر. وبين المبادرات الدولية والردود المتحفظة، تبقى فرص التهدئة مرهونة بحسابات معقدة، لا تتعلق فقط بالأسرى والمساعدات، بل أيضاً بتوازنات القوة، والشرعية، ومستقبل القضية الفلسطينية.