اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار
غزة.. الحديث يدور عن الهدنة وسط القتل والغارات في أول لقاء بينهما.. ترامب يحذر رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» من عدم خفض الفائدة إيفانكا ترامب الأكثر طلباً.. أمريكيون يخضعون لعمليات تجميل ليصبحوا مثل السياسيين رئيس وزراء كندا السابق يثير الجدل أثناء لقائه الملك تشارلز.. تعرف على السبب حماس: الرد الإسرائيلي على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار لا يلبي مطالب الحركة «الدعم السريع» تعيد تموضعها في غرب السودان والجيش يُصعِّد جواً تنديد دولي بمشروع استيطاني جديد يمهد لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الضفة تريليون دولار.. وزير اقتصاد دمشق يكشف تكلفة بناء سوريا الجديدة تلفزيون الاحتلال الإسرائيلي: نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى موافقته على مقترح ويتكوف الجديد إسرائيل تبني 22 مستوطنة جديدة لإضفاء شرعية على احتلال الضفة الغربية طبيبة بريطانية متطوعة في غزة: ما يحدث هنا أكبر جريمة حرب في تاريخ الإنسانية سلاح الجو الإسرائيلي يهاجم مناطق تمركز لحزب الله في جنوب لبنان

استراتيجية أوروبية لاحتواء التمدد الروسي في البحر الأسود

البحر الأسود
البحر الأسود

كشفت المفوضية الأوروبية، في خطوة تعكس تصاعد القلق الاستراتيجي في العواصم الغربية، عن استراتيجية أمنية جديدة لمنطقة البحر الأسود، تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الدفاعية، وتحسين القدرة على نقل المعدات العسكرية الثقيلة، ومواجهة التهديدات الروسية المتزايدة في أوروبا الشرقية. يأتي هذا التحرك الأوروبي ضمن سياق أكثر اتساعاً يعيد رسم خارطة الأمن والاقتصاد في المنطقة التي تحوّلت منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا إلى نقطة اشتباك جيوسياسي مركزية.

البحر الأسود.. الممر الاستراتيجي تحت الضغط

منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، برز البحر الأسود كممر محوري لحركة البضائع والطاقة والحبوب، وأصبح في الوقت نفسه ساحة صراع مفتوح تتقاطع فيها المصالح الروسية، الأوكرانية، الأوروبية، وحتى الصينية. الساحل البحري يمتد عبر ست دول، منها عضوان في الاتحاد الأوروبي (رومانيا وبلغاريا)، ودول مرشحة للانضمام (تركيا، جورجيا، أوكرانيا، مولدوفا)، إضافة إلى روسيا التي تحاول فرض سيطرة ميدانية وسياسية عبر الأدوات العسكرية والهجينة.

الاستراتيجية الأوروبية

قالت كايا كالاس، مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن الاستراتيجية "تستهدف تحسين القدرة الدفاعية والتفاعل مع التهديدات البحرية"، عبر استثمارات في الموانئ والسكك الحديدية والمطارات القادرة على استيعاب معدات عسكرية ثقيلة. كما ستعمل الخطة على تعزيز التنقل العسكري بحيث تكون القوات "حاضرة في المكان والزمان المناسبين"، بما يضمن سرعة الاستجابة لأي طارئ.

التركيز على الشراكات الإقليمية

تعكس الخطة طموح بروكسل في بناء شبكة من العلاقات الأمنية والاقتصادية مع دول الجوار البحري، وخاصة أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وتركيا، إضافة إلى أرمينيا وأذربيجان. كما أشارت كالاس إلى نية الاتحاد الأوروبي إقامة مركز أمني بحري في البحر الأسود، يُتوقع أن يلعب دوراً في الإنذار المبكر، وحماية البنية التحتية الرقمية والبحرية، وربما مراقبة أي وقف إطلاق نار محتمل في المستقبل بين روسيا وأوكرانيا.

أبعاد اقتصادية واستراتيجية

بجانب البعد العسكري، تستهدف الاستراتيجية تعزيز ممرات الطاقة والتجارة، بما في ذلك البنية التحتية الرقمية والنقل، وكذلك دعم الاقتصاد الأزرق والمجتمعات الساحلية للتأقلم مع تداعيات الحرب والتغير المناخي. هذا التوجه يفتح الباب لتكامل أوسع مع دول القوقاز وآسيا الوسطى، حيث يتلاقى الأمن الأوروبي مع مصالح الطاقة والاستقرار في الشرق.

المخاوف من "الأسطول الظل" الروسي والاختراق الرقمي

من بين أبرز المخاوف التي تدفع الاتحاد الأوروبي نحو هذا التشدد، ما وصفته كالاس بـ "الهجمات الهجينة" الروسية، وتشمل استهداف الكابلات البحرية، واستخدام "أسطول ظل" للتهرب من العقوبات النفطية، مما يمثل تهديداً للأمن الطاقوي الأوروبي. كما تتخوف بروكسل من الملكية الأجنبية لموانئ ومرافق استراتيجية، لا سيما بعد منح جورجيا عقد بناء ميناء بحري ضخم لتحالف صيني خاضع لعقوبات أميركية.
حسابات التوازن

لطالما كانت روسيا وتركيا اللاعبين التقليديين المهيمنين في البحر الأسود. إلا أن التغلغل الروسي العسكري واحتلاله لمناطق أوكرانية مطلة على الساحل، دفع الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تعريف علاقته بالمنطقة كمسألة أمن قومي. وفي المقابل، تحافظ تركيا على دور مزدوج؛ فهي عضو في الناتو وتنسق مع أوكرانيا من جهة، لكنها تتعاون اقتصادياً مع موسكو من جهة أخرى.
أما الصين، فتدخل البحر الأسود من بوابة الاستثمارات الاستراتيجية، في مسعى واضح لتعزيز مبادرة "الحزام والطريق"، مما يضيف بعداً ثالثاً إلى التنافس في المنطقة.


هل تنجح بروكسل في فرض إيقاعها؟


في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والتقلبات السياسية في الولايات المتحدة، والتحديات المالية داخل الاتحاد الأوروبي، يبقى السؤال: هل تمتلك بروكسل أدوات التنفيذ لهذه الاستراتيجية الطموحة؟
في حين أن الموقف الموحد بين أعضاء الاتحاد الأوروبي تجاه روسيا لا يزال قائماً، إلا أن تضارب المصالح مع بعض الدول الإقليمية قد يعوق التنفيذ الفعلي للخطة، ما لم تتمكن أوروبا من بناء تحالفات صلبة قائمة على المصالح المشتركة أكثر من الشعارات.