بالفيديو.. إبراهيم الهدهد: البطش والغرور يحول النعم إلى نقم

أكد الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن رسالة سيدنا هود عليه السلام لقومه كانت تحذيرًا واضحًا من الغرور والاعتماد على القوة المادية دون الاعتراف بفضل الله.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر الأسبق، خلال حلقة برنامج "هديات الأنبياء"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن سيدنا هود عليه السلام خاطب قومه مذكرًا إياهم بنعم الله، حيث قال لهم كما جاء في القرآن الكريم: "أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ"، أي هل تظنون أنكم ببناء القصور في الأماكن المرتفعة ومعجزة في هيئتها تصنعون شيئًا يبقى إلى الأبد؟! ثم قال لهم: "وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ"، موضحًا أن قوم هود كانوا يظنون أن تشييد المباني الفاخرة وصنع التحف المعمارية قد يجعلهم خالدين، دون إدراك أن الموت سنة الله في خلقه، فقد مات آباؤهم وأجدادهم من قبلهم.
وأشار إلى أن هذه الغفلة عن حقيقة الفناء أدت بهم إلى الطغيان، حتى وصفهم القرآن بقوله: "وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ"، أي أنهم استخدموا قوتهم في الظلم والطغيان، ونسوا أن الله هو خالق الكون ومدبره، وهو الذي منحهم كل هذه النعم، وأنه قادر على سلبها إن لم يشكروه عليها.
وفي سياق أخر أكد الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية، أن حفظ الدين يأتي على رأس مقاصد الشريعة الإسلامية، موضحًا أن المقصود بحفظ الدين لا يقتصر فقط على حفظ العقيدة، بل يمتد ليشمل إقامة الشعائر والسلوك الأخلاقي الذي يعكس القيم الدينية.
وأوضح مفتي الديار المصرية، أن الشريعة الإسلامية جاءت للحفاظ على المقاصد الضرورية الخمسة، وهي الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، مشيرًا إلى أن حفظ الدين يُعد مقصدًا رئيسًا، ومن خلاله يمكن استنتاج كيف حرصت الشريعة الإسلامية على الحفاظ على بقية المقاصد.
وأشار إلى أن الدين هو "الوضع الإلهي الذي أنزله الله على أنبيائه ورسله لتحقيق الخير للناس في الدنيا والفلاح في الآخرة"، مؤكدًا أن مصدره من الله تعالى، وهو أعلم بخلقه، وأن هذا الدين نُقل عبر الأنبياء والرسل بصيغة واضحة ومتكاملة، تراعي مختلف العلاقات الإنسانية، سواء مع الخالق أو المخلوق.
وأضاف المفتي أن الدين ليس مجرد عقيدة، بل يشمل أيضًا الشريعة والتطبيق العملي لها وهو السلوك والتعامل الإنساني والأخلاق، موضحًا أن العقيدة بدون أثر عملي تُصبح بلا قيمة، وأن الإسلام يربط بين العقيدة والسلوك برباط محكم، حيث إن أي محاولة لفصل العقيدة عن الشريعة تُعد محاولات يائسة، مستشهدا بقوله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ"، وقوله: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ"، حيث تذكر الآية العقيدة، ثم تنتقل إلى الشريعة لتحقيق الثمرة المرجوة، وهي الأخلاق والسلوك الحسن.
وأكد المفتي أن الدين ليس مجرد مجموعة من الأقوال أو الطقوس، بل هو منهج متكامل يجمع بين النظرية والتطبيق، ويُثمر سلوكًا إيجابيًا في حياة الإنسان، يعكس القيم الإسلامية في العفو، والرحمة، والتسامح، والتعمير، والإحسان إلى الآخرين.
وشدد على أن أي محاولة لتقديم الدين على أنه مجرد نظريات أو شعائر دون انعكاس عملي على حياة الناس، تُعد فهمًا قاصرًا لحقيقته الشاملة.