المرتزقة السوريين.. دوافع التواجد في استغلال الانقلاب بالنيجر
المرتزقة السوريين هم الأفراد السوريين الذين يشاركون في الصراعات في مناطق مختلفة خارج سوريا بمقابل مادي، ويشمل ذلك بشكل رئيسي الصراع في سوريا نفسها، ولكنهم أيضًا قد يكونون موجودين في صراعات في دول أخرى. يعملون عادة تحت مراقبة جهات أو دول أجنبية تستخدمهم كـ"قوات مرتزقة" لتحقيق أهدافها في النزاعات المحلية.
في السنوات الأخيرة، ارتبطت أخبار عن مشاركة مرتزقة سوريين في صراعات في عدة بلدان مثل ليبيا واليمن وغيرها، حيث يتم استقطابهم بشكل أساسي من قبل جهات تتمتع بتأثير دولي أو إقليمي. تلك الجهات تقدم غالبًا دعمًا ماديًا وعسكريًا للمرتزقة لدعم أجندتها في الصراع.
بأكثر من تقرير ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "تركيا نقلت دفعات من المرتزقة السوريين" تضم المئات من العناصر إلى النيجر، وقال الأربعاء إن "9 منهم قتلوا في معارك" هناك، دون أن يورد تفاصيل عن ماهية القتال ومجرياته والأطراف التي شاركت فيه.
يبلغ عدد أولئك العناصر 550 عنصرا حسب تقارير "المرصد السوري"، واللافت أن المعلومات التي نشرها حولهم تأتي بالتزامن مع مواصلة روسيا الزج بقوات هناك، ضمن خطوات تصاعدت بالتدريج منذ الانقلاب الذي شهدته النيجر، العام الماضي.
وأطاح الانقلاب العسكري بالرئيس المنتخب محمد بازوم في نهاية يوليو 2023، وأدى إلى قلب التحالفات في غرب أفريقيا رأسا على عقب، كما وجه ضربة إلى "المبادئ الديمقراطية في المنطقة"، وفق ورقة بحثية لـ"مجموعة الأزمات الدولية".
وفي أعقاب تنفيذه سارع العسكريون الذين استولوا على السلطة إلى المطالبة برحيل الجنود الفرنسيين (نحو 1500 جندي تم نشرهم لمحاربة المتطرفين)، وألغوا العديد من الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع باريس.
وغادر آخر الجنود الفرنسيين، المنتشرين في النيجر في إطار الحرب ضد الإرهاب، البلاد في 22 ديسمبر 2023، وبعدما أظهر العسكريون انزعاجا بشأن الوجود الأميركي ألغوا الاتفاق الذي يربط البلد الواقع في غرب أفريقيا مع واشنطن في مارس الماضي.
ووصلت آخر التطورات إلى حد دخول قوات روسية إلى القاعدة الجوية 101 المجاورة لمطار "ديوري حماني" الدولي في نيامي عاصمة النيجر، والتي تستضيف قوات أمريكية منذ سنوات، في إطار الحرب ضد الإرهاب.
تصاعد الحديث، خلال الأيام الأخيرة من يناير 2024، عن خطة تركية لإرسال مرتزقة سوريين إلى النيجر؛ إذ كشف المرصد السوري في 27 يناير الفائت عن بدء الاستخبارات التركية العمل على تجهيز دفعة جديدة من المرتزقة السوريين المنخرطين في الفصائل الموالية لها في الداخل السوري، وبخاصة فصيل السلطان مراد، للالتحاق بمهام قتالية في النيجر غرب أفريقيا، مقابل الحصول على 1500 دولار شهرياً، وذلك تحت إشراف مباشر من العسكريين الأتراك.
ويعكس هذا السلوك سعي تركيا لتوسيع حضورها في القارة الأفريقية عموماً، وتكريس وجود دائم في منطقة غرب أفريقيا بشكل خاص، بالإضافة إلى مزاحمة نفوذ دول منافسة وفي مقدمتها: فرنسا، وروسيا، والصين، والولايات المتحدة. ويبدو أن الخطوة التركية لا تنفصل عن استثمار التطورات في النيجر، وفتور علاقاتها مع القوى الغربية بعد الإطاحة برئيس النيجر محمد بازوم في يوليو 2023. وهنا، يُثار التساؤل بشأن أبعاد توجه أنقرة نحو الإشراف على إرسال مرتزقة إلى النيجر.