اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

المدينة القديمة في زنجبار.. صحوة علمية للدولة البوسعيدية

المدينة القديمة في زنجبار
المدينة القديمة في زنجبار

تُعرف المدينة القديمة في زنجبار، المعروفة أيضًا باسم "ستين تاون" أو "مكونجوي مْجِي"، بكونها جوهرة تاريخية وثقافية فريدة في أرخبيل زنجبار بتنزانيا. تُعدّ هذه المدينة، المُدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، مزيجًا ساحرًا من العمارة العربية والفارسية والهندية والأوروبية، مما يعكس تاريخها العريق كمركز تجاري هام لتجارة التوابل والعبيد.

تأسست المدينة القديمة في القرن التاسع عشر، وازدهرت خلال حكم سلطنة زنجبار. كانت المدينة مركزًا هامًا لتجارة التوابل، حيث كانت تُصدّر كميات هائلة من القرنفل والهيل والفلفل الأسود إلى مختلف أنحاء العالم. كما لعبت المدينة دورًا هامًا في تجارة الرقيق، مما أدى إلى تراكم ثروة هائلة سمحت ببناء العديد من القصور الفخمة والمساجد الجميلة.

تُعدّ المدينة القديمة في زنجبار وجهة سياحية شهيرة، حيث تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم بفضل معالمها التاريخية والثقافية المتنوعة. من أهمّ المعالم السياحية في المدينة:

بيت العجائب

يُعدّ هذا القصر الفخم أحد أقدم المباني في المدينة، وكان في الأصل مقرًا للسلطان. يضمّ المتحف الوطني لزنجبار، الذي يعرض مجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تُروي تاريخ الجزيرة.

قلعة حُسني

تُعدّ هذه القلعة المُنيعة أقدم مبنى في المدينة، حيث بُنيت في القرن السادس عشر. تُطلّ القلعة على الميناء، وتُوفر إطلالات بانورامية خلابة على المدينة.

حدائق فوروداني

تُعدّ هذه الحدائق الجميلة مكانًا مثاليًا للاسترخاء والاستمتاع بالمناظر الخلابة للمحيط الهندي. تُقام العديد من الفعاليات الثقافية والموسيقية في هذه الحدائق على مدار السنة.

متحف قصر بيت الساحل:

يُعدّ هذا القصر التاريخي متحفًا يعرض تاريخ وثقافة سلطنة زنجبار. يضمّ المتحف مجموعة من القطع الأثرية، بما في ذلك الأزياء والمجوهرات والأسلحة.

متجر زنجبار سبايس كوميونيتي

يُعدّ هذا المتجر مكانًا مثاليًا لشراء التوابل الطازجة والمنتجات المحلية الأخرى. يُمكنك أيضًا المشاركة في جولة إرشادية في المتجر للتعرف على تاريخ تجارة التوابل في زنجبار.

يعود تاريخ الإسلام في زنجبار إلى القرن الثامن الميلادي، عندما وصل التجار المسلمون من شبه الجزيرة العربية إلى الجزيرة، ولعب هؤلاء التجار دورًا هامًا في نشر الإسلام بين السكان المحليين، من خلال التبادل التجاري والثقافي.

أرض زنجبار أو ما كان يطلق عليها لقب "أندلس أفريقيا" لعظمة الرّقي الذي وصلت إليه في أزمنة مضت، فقد تربّع أسطولها إبّان الحكم العربي على مرتبة متقدمة كثاني أقوى أسطول بحري بعد بريطانيا متفوقا على أعتى الدول الاستعمارية كفرنسا والبرتغال وغيرها، وعمّ في أرجائها الأمن والأمان وازدهار التجارة وحركة النقل خاصة من خلال موانئها العالمية، وسنكتشف في خضم هذا المقال تاريخ هذه الدولة العريقة، والمؤامرات التي حيكت ضدها، ونبيّن حقيقة الوجود العماني العربي الذي يحاول أعداء الإسلام اظهاره في شكل استعمار واضطهاد ضد الشعب الزنجباري، كما ولا بد التنويه أنه لا يوجد مقال جاد يتكلم عن تاريخ زنجبار بشكل جدي وعميق، أما الكتب فهي تعد على الأصابع وأغلبها صدر من علماء وكتاب غربيين.. فيا للحسرة.

واستمرت العلاقات بين العرب والزنجباريين سنوات طويلة وكان المسلمون يشكلون 70 بالمئة من السكان، إلى حين الاجتياح البرتغالي لزنجبار الذي تم بعد مرور الرحالة البرتغالي "فاسكو دي جاما" على سواحل أفريقيا الشرقية عندما كان عائدا من الهند سنة 1449 م، وبعد 51 سنة من ذلك التاريخ كان الأسطول البرتغالي الحربي قد رسى على سواحل زنجبار وتمكّن من اخضاع كافة الجزر بالقوة وبحرق الأخضر واليابس وتدمير البيوت على قاطنيها، حتى قال أحد الشيوخ الذين عاصروا تلك النكبة في رسالة بعثها إلى جزر مجاورة لتحذيرهم من المحتل البرتغالي: "ليس فيها حي ولا رجل ولا امرأة ولا صغير ولا كبير ولا طفل ولا رضيع وكل من عجز عن الهرب قتل أو مات حرقا"، فكانت تلك الفترة من أكثر الأيام فتكا وترويعا في تاريخ أفريقيا الشرقية بأسرها، وهنا يظهر للباحث المنصف ما قدّمه العرب المسلمون من أمان ورخاء لإخوانهم الأفراقة والسواحليين وبين ما قدّمه الاستعمار الغربي من قتل وتشريد وحرق.

بعد تلك النقطة السوداء من التاريخ استمر حكم المستعمر البرتغالي طيلة قرنين من الزمن، حتى جاء اليوم الذي توحّد فيه السكان الأصليون وطلبوا النجدة والعون من سلطان عمان آنذاك، فلبّى النداء وجهز جيشا عربيا قويا أجلى البرتغاليين بالكامل من أرض زنجبار ولقنّهم درسا شديدا لم ينسوه، وهزمهم شرّ هزيمة، ومنذ ذلك الحين دخلت زنجبار رسميا تحت حكم سلاطين عمان الذين تعاقبوا على تسيير شؤونها بما يراعي مصلحة الزنجباريين والعرب على حد سواء، مع وجود تقصير هنا وهناك بسبب طيش بعض السلاطين وحدوث فتن أثناء التنازع على السلطة، ولكن كانت الأوضاع مستقرة بشكل عام.

شهدت زنجبار صحوة علمية خاصة بعد قيام الدولة البوسعيدية، حيث كثرت المؤلفات، وأضحت مهوى العلماء من المناطق المجاورة فساهموا في نهضتها العلمية والفكرية، كما عكفت الدولة على تعليم الناس دينهم، وفتح المدارس القرآنية التي يسمونها "الخلاوي" أو "الدوكسي"، ومن كبار علماء زنجبار نذكر منهم: محمد بن علي المنذري وكان رئيسا للقضاء في عهد السلطانين سعيد وولده ماجد، يوسف بن ناصر الخروصي الذي هاجر إلى زنجبار قادما من عمان سنة 1300هـ، سعيد بن علي المغيري صاحب كتاب "جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار"، سليمان بن محمد بن سليمان العلوي، محسن بن علي البرواني، علوي بن عبد الرحمن المشهور باعلوي، وغيرهم المئات من العلماء الأجلاّء الذين كان كثير من على مذهب الامام الشافعي رضي الله عنه.

موضوعات متعلقة