اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

رشوة سياسية.. إسرائيل تمنح رئيس الأرجنتين جائزة بقيمة مليون دولار لمواقفه الداعمة

الرئيس الأرجنتيني
الرئيس الأرجنتيني

يتجه الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى إسرائيل في يونيو المقبل لتسلم جائزة "جينيسيس" بقيمة مليون دولار، تكريماً لمواقفه السياسية المؤيدة لإسرائيل. وتكتسب هذه الزيارة بعداً رمزياً وسياسياً عميقاً، ليس فقط من حيث التوقيت وسط تصاعد الأزمة في غزة، بل من خلال الرسائل التي يحملها هذا الاصطفاف الواضح إلى جانب إسرائيل، في وقت تواجه فيه انتقادات حقوقية ودولية متزايدة.

مضامين الزيارة: دعم لا لبس فيه

رغم تأجيل الزيارة التي كانت مقررة في مارس الماضي، إلا أن إصرار ميلي على الحضور في هذا التوقيت يشير إلى تصميمه على ترسيخ تحالفه مع إسرائيل، من خلال خطاب سيلقيه في الكنيست خلال حفل تسلمه الجائزة في 11 يونيو. ووفق المنظمين، سيخصص قيمة الجائزة لتمويل مبادرة لتحسين العلاقات بين إسرائيل ودول أميركا اللاتينية، ولمكافحة معاداة السامية.

لكنّ هذه المبادرة تأتي في سياق أوسع من مجرد تعزيز العلاقات، إذ يعكس تكريم ميلي رغبة إسرائيل في كسب حلفاء جدد في الجنوب العالمي، في وقت تواجه فيه عزلة دبلوماسية متزايدة بسبب حربها في غزة، وما رافقها من اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين.

سجل سياسي موالٍ لإسرائيل

تبرز مواقف ميلي تجاه إسرائيل بشكل استثنائي مقارنة بسابقيه، فقد غير سياسة الأرجنتين التقليدية في الأمم المتحدة التي غالباً ما اتسمت بالحياد أو الميل النسبي إلى دعم حقوق الفلسطينيين. كما صنّف حركتي "حماس" و"حزب الله" كجماعتين إرهابيتين، وأعاد فتح التحقيقات في تفجيرات استهدفت أهدافاً يهودية وإسرائيلية في الأرجنتين خلال التسعينيات، وهي قضايا طالما شكلت ضغطاً سياسياً من تل أبيب على بوينس آيرس.

وتعهد أيضاً بنقل سفارة الأرجنتين إلى القدس، في خطوة رمزية تتماهى مع الموقف الأميركي الذي سبق وأن أثار جدلاً دبلوماسياً واسعاً منذ عهد الرئيس دونالد ترمب، غير أن هذه الخطوة لن تتم خلال زيارته الحالية.

الدلالات الثقافية والسياسية للجائزة

جائزة "جينيسيس"، التي توصف بأنها "نوبل اليهودية"، تُمنح سنوياً لأشخاص من أصول يهودية أو داعمين لإسرائيل، ممن أظهروا التزاماً بالقيم اليهودية والمساهمة في رفعة المجتمع اليهودي أو في تعزيز صورة إسرائيل عالمياً. وسبق أن حصل عليها أسماء لامعة مثل مايكل بلومبرغ، وستيفن سبيلبرغ، وباربرا سترايسند.

لكنّ منح الجائزة لزعيم سياسي غير يهودي هذه المرة، وفي وقت تتزايد فيه الانتقادات لسلوك إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، يشير إلى محاولة توظيف رمزية الجائزة لتثبيت سردية سياسية تعزز من شرعية السياسات الإسرائيلية في الساحة الدولية، معتمدين على حلفاء جدد مثل ميلي.

لذا لا يمن قراءة زيارة ميلي القادمة فقط بوصفها لحظة تكريم شخصي، بل تمثل جزءاً من هندسة تحالفات جديدة على المستوى الدولي، تعيد رسم ملامح الاصطفافات السياسية حول القضية الفلسطينية، وتكشف عن مدى تغلغل البعد الإسرائيلي في السياسة الخارجية لبعض دول أميركا اللاتينية، في مقابل تراجع أصوات الدعم التقليدية للحقوق الفلسطينية في المنطقة.