اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الجيش السوداني يتقدم بالنيل الأزرق و«الدعم السريع» تسترد موقعاً شمال كردفان

 وتيرة الاشتباكات بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" في غرب وجنوب البلاد ارتفعت خلال الأسابيع الأخيرة
خالد الحويطي -

* قرارات لتخفيف أعباء المعيشة بخفض أسعار السلع والرسوم في السودان

أعلن الجيش السوداني مواصلة تقدمه في إقليم النيل الأزرق، ونجاح قوات الفرقة الرابعة - مشاة في مدينة الدمازين، عاصمة الإقليم، في تنفيذ عملية عسكرية جديدة أسفرت "عن تطهير منطقة ملكن بمحافظة باو من بقايا الميليشيات المسلحة" (تحالف الدعم السريع وقوات الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية جناح عبدالعزيز الحلو)، وذلك بعد يوم واحد من تحرير منطقة بالدقو في الإقليم ذاته.

هيبة الدولة

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبدالله، في منشور على حساب الجيش بمنصة "فيسبوك"، أن "قوات الفرقة الرابعة مشاة بالدمازين تواصل سحق فلول الميليشيات في محافظة باو، وتمكنت من تطهير منطقة ملكن بالكامل، في خطوة جديدة نحو تأمين الإقليم وفرض هيبة الدولة"، وأكد أن الجيش يواصل تقدمه الميداني وأن العمليات العسكرية مستمرة حتى استكمال تحرير المناطق المتأثرة كافة، في إطار خطة شاملة لاستعادة الأمن والاستقرار بالنيل الأزرق.

غارات جوية

في الأثناء أكدت مصادر ميدانية أن الطيران الحربي والمسير للجيش تابع غاراته الجوية في محوري كردفان ودارفور، إذ قصفت مقاتلات الجيش متحركات لقوات "الدعم السريع" في منطقة أبو زبد بغرب كردفان، دمرت خلالها مجموعة من العربات المقاتلة بأطقمها البشرية. وأوضحت المصادر أن المقاتلات الحربية نفذت غارات جوية استهدفت معسكراً لـ"الدعم السريع" في منطقة هبيلا جنوب شرقي مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات من "الدعم السريع"، فضلاً عن تدمير عتاد ومركبات قتالية وتشتيت ما تبقى من القوة التي كانت متمركزة في الموقع.

استرداد موقع

وفي سياق التطورات الميدانية ومعارك الكر والفر التي يشهدها إقليم كردفان منذ أشهر عدة، أعلنت "الدعم السريع" استعادتها منطقة رهيد النوبة شرق مدينة جبرة الشيخ، على طريق الصادرات الغربي الرابط بين أم درمان وبارا في شمال كردفان.

وكانت قوات الجيش وحلفاؤهم استعادوا السيطرة على منطقة رهيد النوبة، على طريق الصادرات الغربي الرابط بين العاصمة السودانية وإقليم كردفان ومنها إلى دارفور.

قصف الفاشر

في شمال دارفور، جددت "الدعم السريع" قصفها المدفعي للأحياء السكنية ومعسكر أبو شوك للنازحين في مدينة الفاشر.

واستنكرت تنسيقية لجان مقاومة مدينة الفاشر صمت المجتمعين المحلي والدولي تجاه الكارثة الإنسانية التي تعصف بالمدينة القابعة تحت الحصار والقصف المستمر، وفيما يعاني آلاف المدنيين الجوع والخوف تغيب أية محاولات جدية لفك الحصار أو إيصال المساعدات.

الحصار والصمت

وقالت التنسيقية في بيان "كل يوم يمر من دون فك الحصار هو وصمة عار على جبين الصامتين"، مؤكدة أن الفاشر لا تحتاج إلى تصريحات أو تضامن لفظي، "بل تطالب بفتح أبواب الحياة أمام أطفالها ومدهم بالإغاثة قبل فوات الأوان"، وشددت التنسيقية على أن معركتها الأساسية في كسر الحصار وفتح المسارات الآمنة للمساعدات الإنسانية، وليست في صراعات السلطة أو الحسابات السياسية.

سوء التغذية

من جانبه أعلن المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين آدم رجال تفاقم الأوضاع داخل معسكر كلمة للنازحين بجنوب دارفور، وكشف، في تدوينة على منصة "فيسبوك"، عن تفاقم انتشار سوء التغذية وسط الأطفال وتضاعف معاناة الحوامل والمرضعات في المعسكر، مناشداً المنظمات الإنسانية والجهات المانحة زيادة دعمها لمواجهة الاحتياجات المتزايدة بمخيمات النزوح.

وتحدثت مصادر محلية عن مقتل فتاتين وجرح سبع أخريات على يد "الدعم السريع" في محيط قرية قرني شمال غربي الفاشر، بعد اتهامهن بتهريب مواد غذائية على ظهور الدواب.

وتعتبر قرية قرني الواقعة على الطريق الرابط بين مدينة الفاشر وريفها الشمالي، إحدى نقاط تموين المدينة، التي تفرض عليها "الدعم السريع" رقابة محكمة لمنع مرور أية مواد أو وسائل نقل نحو الفاشر.

مجزرة قروية

وفي شمال كردفان أفادت مصادر أهلية بأن "الدعم السريع" ارتكبت مجزرة مروعة، إذ أقدمت على قتل 23 مواطناً وإصابة أربعة آخرين، في قريتي لمينا والحقونا بمنطقة كازقيل، "كما قامت باقتحام قرية السنط شمال شرقي مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، وسط عمليات ترويع ونهب واسعة لمنازل وممتلكات المواطنين، وتهجير قسري لعدد كبير من سكان تلك القرى".

تدهور إنساني

وفق ناشطين ومتطوعين، يواجه النازحون الفارون من مدن النهود والخوي والدبيبات وكازقيل، وغيرها من مناطق شمال كردفان وغربها، أوضاعاً إنسانية مأسوية، جراء انعدام الإيواء والغذاء وأدوات النظافة والمعينات الصحية والطبية، إلى جانب غياب أي دعم حكومي ملموس.

وناشد الناشطون السلطات الحكومية والمنظمات الإنسانية تسيير قوافل عاجلة، وتقديم مساعدات ميدانية تسهم في تخفيف المعاناة المتزايدة التي من المنتظر أن يضاعفها موسم الأمطار أكثر مما هي عليه الآن.

وكشف الناشطون عن تدهور خطر في الأوضاع الإنسانية بمدينتي كادوقلي والدلنج المحاصرتين في جنوب كردفان، نتيجة إغلاق قوات الحركة الشعبية (الجيش الشعبي) و"الدعم السريع" المخارج والطرق حول المدينتين.

وبحسب المتطوعين، يواجه المواطنون نقصاً حاداً في المؤن الغذائية والسلع الأساسية والدواء، في ظل صعوبات متزايدة في مغادرة المرضى والمصابين لأي من المدينتين أو وصول أية مساعدات إليهما.

قلق الشمال

وعلى محور الصحراء الشمالي، حيث تتزايد المخاوف والقلق من زحف "الدعم السريع" من منطقتي المثلث الحدودي وكرب التوم نحو شمال السودان، طمأن قائد استخبارات الفرقة 19 - مشاة مروي بالولاية الشمالية العقيد عادل علي حسن بهدوء الأحوال الأمنية في كامل حدود مسؤولية الفرقة.

وجدد حسن مناشدته المواطنين "عدم الالتفات للإشاعات المغرضة والأخبار المضللة التي ظلت تطلقها غرف الميليشيات الإرهابية والعملاء لزعزعة الأمن والاستقرار"، مؤكداً "أن الولاية ستظل آمنة بفضل الله وتماسك وإسناد مواطنيها، ووقوفهم في خندق واحد خلف الجيش والقوات المساندة له والمقاومة الشعبية".

مقابر جديدة

وفي مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، عثرت السلطات على مقابر جماعية جديدة في مناطق متفرقة بالقرب من سجن ود مدني القومي، وباشرت السلطات المختصة عمليات نبش المقابر بإشراف النيابة العامة وإدارة المباحث والتحقيقات الجنائية بالولاية وفريق الأدلة الجنائية والطب العدلي والهلال الأحمر السوداني والصليب الأحمر الدولي.

ودونت السلطات بلاغات ضد "الدعم السريع"، وشرع الطب العدلي في إجراءات تحديد هويات أصحاب القبور الجماعية.

وكانت السلطات بولاية الجزيرة كشفت قبل أكثر من شهر عن مقبرة جماعية كبيرة بالقرب من سينما حي الزمالك بود مدني، تضم رفاة طلاب ومعلمين كانوا في طريقهم لامتحانات الشهادة الثانوية قتلتهم "الدعم السريع".

قرارات معيشية

وسط هذه الأجواء أصدر رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس عدداً من القرارات التي تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. وقضت، بحسب وكالة السودان للأنباء "سونا"، بخفض أسعار السلع الأساسية الاستهلاكية وخفض الرسوم الجمركية المفروضة عليها، لتقليل كلفة المعيشة ورفع المعاناة عن كاهل المواطن. كما وجه إدريس الجهات ذات الصلة بالتنسيق العاجل من أجل تنفيذ القرار، عبر إنشاء أسواق للبيع المخفض للسلع في مختلف ولايات البلاد.

وفي قرار آخر، وجه رئيس الوزراء بمراجعة نسب قبول الطلاب ومراجعة رسوم الدراسة في الجامعات السودانية، بما يتناسب مع الأوضاع الراهنة للطلاب وأسرهم، تأكيداً لأهمية دعم التعليم وتوفير فرص متساوية للجميع.

كما أصدر قراراً ثالثاً قضى بضرورة ربط مناطق الإنتاج بالطرق القومية بصورة عاجلة، بهدف تيسير حركة التجارة وتسهيل نقل السلع والخدمات بين ولايات السودان المختلفة، بغرض إنعاش الاقتصادات المحلية وتحقيق التنمية المتوازنة.

إحياء المبادرات

دولياً اتفق الاجتماع التشاوري الرابع لتعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، على ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية عاجلة ومنسقة لإسكات صوت السلاح في السودان، واستعادة مسار الانتقال المدني، والتصدي الفوري لقضايا السكان المتأثرين بالحرب، لا سيما النساء والشباب.

وأكد المشاركون في اجتماع المجموعة الاستشارية، الذي استضافه الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التزامهم بوحدة السودان وسلامة أراضيه وسيادة شعبه.

وتضم المجموعة كلاً من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، وجامعة الدول العربية، إضافة إلى الدول الراعية لمبادرات السلام، وهي المملكة المتحدة والولايات المتحدة والسعودية ومصر.

جهد جماعي

واتفاق المشاركون، وفق بيان للاتحاد الأوروبي، على أن الاهتمام والعمل على أعلى المستويات ما زالا أمرين ملحين لمعالجة الحرب الدائرة في السودان، وأن كلفة التقاعس عن العمل لا تنحصر فقط في تفاقم الوضع الإنساني الكارثي كأخطر أزمة إنسانية ونزوح في العالم، بل تمتد أيضاً إلى الحاجة الماسة إلى جهد جماعي ضخم لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة.

وناقش المشاركون في ثلاث جلسات عمل مركزة مسارات ملموسة نحو التهدئة والحوار المدني والسياسي، فضلاً عن ضرورة ضمان الوصول الإنساني والالتزام بالقانون الإنساني الدولي، لافتين إلى التداعيات الأمنية والتنموية الكبيرة للحرب على المنطقة بأكملها وما بعدها.

عقوبات

إلى ذلك تدخل اليوم الجمعة الـ27 من يونيو الجاري إلى حيز التنفيذ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على حكومة السودان، على خلفية اتهامها باستخدام أسلحة كيماوية في الحرب الراهنة. وتشمل العقوبات قيوداً على الصادرات الأمريكية إلى السودان، ومنع وصول الخرطوم إلى خطوط الائتمان الحكومية الأمريكية، وحظر التكنولوجيا والسلع المرتبطة بالأمن القومي الأمريكي، مع استثناءات محددة تشمل المساعدات الإنسانية.

وفي الـ22 من مايو الماضي، اتهمت الخارجية الأمريكية الحكومة السودانية باستخدام أسلحة كيماوية في حربها ضد "الدعم السريع".

لجنة وطنية

واستنكرت الحكومة السودانية العقوبات، متهمة واشنطن بممارسة تزييف الحقائق والابتزاز السياسي بفبركة الاتهامات في شأن الأوضاع في البلاد. وشكل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق عبدالفتاح البرهان لجنة وطنية تضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز المخابرات العامة، للتحقيق في المزاعم الأمريكية، بيد أنها لم تصدر تقريراً حتى الآن.