ماجد يدخل المشهد.. كيف غيّر النظام الإيراني الجديد معادلة الدفاع الجوي في الحرب الأخيرة؟

مع انتهاء الحرب وبدء مراكز الأبحاث والمجلات العسكرية في تفكيك أدوات الصراع وتقييم أدائه، برز أحد أكثر التطورات اللافتة في المشهد الإيراني: دخول نظام الدفاع الجوي "ماجد" إلى الخدمة الفعلية في الأيام الأخيرة من القتال، ما أثار تساؤلات حول توقيت نشره وقدرته على تغيير قواعد اللعبة في ميدان الحرب الجوية.
بحسب تقرير لمجلة Bulgarian Military ومصادر أخرى كموقع Clash Report، فإن النظام الإيراني الجديد نجح في إسقاط طائرة إسرائيلية مسيّرة من طراز هيرون، رقم 298، قرب الحدود الإيرانية-العراقية. هذه العملية لم تكن مجرد إنجاز عسكري بل رسالة استراتيجية في وقت حساس، إذ أظهرت إيران قدرتها على نشر تقنيات متطورة محليًا رغم العقوبات الدولية الخانقة.
نظام "ماجد" هو نظام دفاع جوي قصير إلى متوسط المدى، تم تركيبه على مركبة تكتيكية من طراز "أراس"، مما يتيح له مرونة عالية في الحركة والانتشار. ويستخدم النظام صواريخ AD-08 بمدى عملياتي يتراوح بين 8 إلى 10 كيلومترات، ومزود بتقنيات توجيه هجينة تعتمد على الرادار والاستشعار الكهروضوئي، لتوفير استهداف دقيق في ظروف الحرب الإلكترونية والتشويش.
مزايا نظام ماجد
يتميز "ماجد" عن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية الأثقل مثل "سيفوم خرداد" - الذي كان قد أسقط طائرة أميركية من طراز غلوبال هوك عام 2019 - بقدرته على التنقل السريع والنشر الفوري، ما يجعله مثاليًا لحماية البنى التحتية الحيوية والوحدات العسكرية المتحركة من تهديدات مثل الطائرات المسيّرة والطائرات على ارتفاعات منخفضة.
وفي إطار الحرب الأخيرة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن إيران استطاعت خلال المعارك إعادة تنشيط منظوماتها الدفاعية الجوية، ما شكل تهديدًا متزايدًا للطيران الإسرائيلي، وخاصة للطائرات المسيّرة من طراز هيرون، التي لطالما اعتمدت عليها تل أبيب في عمليات الاستطلاع والهجوم.
طائرة هيرون، أو "ماشاتز-1"، تعد واحدة من أعمدة القوات الجوية الإسرائيلية في مهام الاستطلاع طويلة الأمد، وتعرف بقدرتها على البقاء في الجو حتى 45 ساعة، على ارتفاع يصل إلى 30 ألف قدم.
وهي مزودة بأنظمة استشعار متقدمة، ورادارات متطورة، وقدرات اتصالات واسعة، ما يجعلها منصة استخباراتية وضاربة متعددة المهام.
ومع ذلك، فإن تركيزها على "التحمّل" على حساب القدرة على المناورة أو التخفي، يجعلها عرضة للأنظمة الدفاعية المتقدمة مثل ماجد.
رغم اعتراف الجيش الإسرائيلي بإسقاط الطائرة رقم 298، فإنه أكد عدم تعرّض معلومات استخبارية حساسة للخطر. ومع ذلك، فإن فقدان هذا النوع من الطائرات يُعد إشارة رمزية قوية على تطور الردع الإيراني في مجال الدفاع الجوي.
في سيناريو تحليلي وضعه خبراء مجلة Bulgarian Military، جرى تصوير الاشتباك في ليلة مقمرة: حين التقط رادار ماجد هدفًا على ارتفاع يقارب 20,000 قدم، تم تحديده على أنه طائرة هيرون. بدأت أجهزة الاستشعار الكهروضوئية تعقب البصمة الحرارية للطائرة، وبسرعة انطلق صاروخ AD-08 مستعينًا بالتوجيه الأرضي، ليصيب الهدف بدقة، متغلبًا على افتقار الطائرة لقدرات المناورة والتخفي.
تطورات جوهرية
يعكس هذا الاشتباك تطورين جوهريين:
التكامل المتزايد لمنظومة الدفاع الإيرانية: فبفضل تصميمه المتنقل والمُدمج، يمكن لنظام ماجد أن يُدمج بسهولة في شبكة الدفاع الإيرانية متعددة الطبقات، مكملًا الأنظمة طويلة المدى.
الاستفادة القصوى من القيود: إذ أظهرت إيران قدرتها على تجاوز العقوبات من خلال تطوير أنظمة تعتمد على المكونات المحلية، دون الحاجة إلى تكنولوجيا أجنبية متقدمة.
ومع ذلك، يبقى النظام محدودًا في مواجهته للتقنيات الأحدث والأكثر تطورًا، بسبب الحصار التقني المفروض على طهران. إلا أن ماجد يمثل خطوة حيوية نحو تطوير عقيدة دفاع جوي مرنة ومتكاملة قادرة على التصدي لمزيج متنوع من التهديدات.