قمة بروكسل.. انقسامات أوروبية في وجه عقوبات روسيا ورسوم ترامب وأزمات الشرق الأوسط

في لحظة تشهد تصاعدًا متزامنًا للتوترات الدولية والانقسامات الداخلية، يلتقي قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الخميس لمناقشة ملفات ملتهبة تفرض نفسها بقوة على جدول الأعمال، في مقدمتها: الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات المفروضة على روسيا، التهديدات الأميركية بفرض رسوم جمركية إضافية، إضافة إلى أزمات الشرق الأوسط المتشابكة.
تداعيات الحرب في أوكرانيا: قلق بلا إجماع
يشارك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في القمة الأوروبية عبر الفيديو، بعد لقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في محاولة لاستعادة زخم الدعم الأوروبي، خصوصًا بعد خفض مستوى الاهتمام بقضية أوكرانيا في قمة الناتو الأخيرة. وبينما لا تزال الحرب الروسية في أوكرانيا أولوية قصوى من وجهة نظر مؤسسات الاتحاد، فإن بعض دوله باتت تُظهر ترددًا في المضي قدمًا بحزمة العقوبات الجديدة على موسكو، خصوصًا ما يتعلق بسقف أسعار النفط الروسي، لما لذلك من آثار محتملة على أسعار الطاقة المحلية.
الرسوم الأميركية.. اختبار حاد لوحدة الموقف الأوروبي
في الوقت ذاته، يلقي التهديد الأميركي بفرض تعريفات جمركية إضافية بثقله على مداولات القمة، إذ تواجه بروكسل رسوماً قائمة تصل إلى 50% على صادرات الألمنيوم والصلب، و25% على السيارات وقطع غيارها، مع تهديدات برفع الرسوم إلى حدود 50% ما لم تُبرم صفقة تجارية جديدة مع واشنطن. هذه التوترات تكشف هشاشة الشراكة الاقتصادية بين الجانبين وتُعيد إلى الواجهة مخاوف من نشوب حرب تجارية بين الحلفاء.
وتعزز هذه التوترات الانتقادات الأوروبية لترامب، الذي وجّه انتقادات مباشرة لإسبانيا لضعف إنفاقها الدفاعي، وألمح إلى استخدام الرسوم الجمركية كأداة للضغط السياسي، ما دفع الرئيس الفرنسي إلى اتهامه بشن "حرب تجارية على الحلفاء".
الشرق الأوسط على الطاولة.. أزمة إيران وغزة في مرمى الانقسام
ملف الشرق الأوسط، بدوره، يُشكل عامل توتر إضافي داخل الاتحاد، حيث تسود انقسامات حادة حول الموقف الأوروبي من الحرب الإسرائيلية في غزة، بين من يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، ومن يصرّ على دعم إسرائيل. هذا التباين يهدد تماسك الموقف الأوروبي ويضعف فعاليته الدبلوماسية في المنطقة.
وفي السياق ذاته، لا تزال الجهود الأوروبية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران تواجه تحديات كبيرة، وسط تصعيد إقليمي وحذر دولي من عودة طهران إلى تخصيب اليورانيوم بوتيرة متسارعة، مما يعيد ملف إيران النووي إلى صدارة التوترات العالمية.
خلافات داخلية تهدد أجندة الاتحاد
على المستوى الداخلي، تواجه المفوضية الأوروبية انتقادات لاذعة، خاصة تجاه أورسولا فون دير لاين، التي اتهمتها الأحزاب اليسارية بالانحياز إلى الإنفاق العسكري على حساب أولويات المناخ، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي داخل الاتحاد.
قراءة في ما بعد القمة
من المتوقع أن تُختتم القمة ببيان ختامي يحدد أولويات التكتل للأشهر الأربعة المقبلة، سيكون بمثابة مقياس دقيق لاتجاهات الرأي السياسي داخل أوروبا. لكن الواقع يشير إلى أن الاتحاد يواجه تحديًا مزدوجًا: إدارة الأزمات الخارجية المتصاعدة، والحفاظ على الحد الأدنى من الوحدة الداخلية، في وقت تتضارب فيه المصالح الوطنية وتتصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية على عواصم أوروبا.