اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

توتر إقليمي يتصاعد.. باكستان ترفع جاهزيتها العسكرية بعد الهجمات الإسرائيلية على إيران

باكستان
محمود المصري -

في خطوة تعكس تصاعد القلق الإقليمي بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، فعّلت باكستان أنظمة الدفاع الجوي، ونشرت مقاتلات جوية قرب منشآتها النووية وعلى مقربة من الحدود مع إيران. ورغم تأكيد المصادر الأمنية الباكستانية على عدم وجود تهديد مباشر، فإن هذه الاستعدادات العسكرية تعكس مخاوف عميقة من تداعيات محتملة قد تتجاوز حدود الصراع بين طهران وتل أبيب.
وأوضح مسؤول استخباراتي باكستاني لوكالة الأنباء الألمانية أن "الأنظمة الدفاعية في حالة تأهب كإجراء احترازي"، في مؤشر على أن إسلام آباد لا تستبعد اتساع رقعة المواجهة في حال تطور التصعيد العسكري إلى ردود إيرانية قد تجر دول الجوار أو تهدد استقرار المنطقة.
وفي الداخل، عززت السلطات الباكستانية من الإجراءات الأمنية حول البعثات الدبلوماسية الأميركية، بما في ذلك السفارة في إسلام آباد والقنصليات في مدن أخرى، خشية اندلاع مظاهرات غاضبة أو أعمال عنف ضد المصالح الغربية، في ظل موجة الغضب الشعبي من الهجوم الإسرائيلي.
سياسيًا، عبّر رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، عن إدانته الصريحة للهجوم الإسرائيلي، في خطوة تؤكد موقف باكستان الدائم في رفض الاعتداءات على الدول ذات السيادة. من جانبه، اعتبر وزير الخارجية إسحاق دار في تغريدة عبر منصة "إكس" أن الهجوم الإسرائيلي "غير مبرر" ويمثل "انتهاكًا صارخًا لسيادة إيران"، محذرًا من أن مثل هذه الأعمال "تقوض الاستقرار الإقليمي بشكل خطير".
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيدًا متسارعًا، وسط مخاوف دولية من انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية واسعة. ويدفع التوتر الحالي دولًا مثل باكستان – التي تملك قوة نووية – إلى تبني سياسات دفاعية حذرة واستباقية لتفادي أي ارتدادات محتملة على أمنها الوطني، خاصة في ظل هشاشة الأوضاع الحدودية والتوترات المذهبية والسياسية في الإقليم.

انعكاسات دولية وعلاقات متوترة

الهجوم الإسرائيلي على إيران أثار ردود فعل متباينة في الأوساط الدولية، حيث التزمت بعض القوى الكبرى الحذر، فيما أعربت أطراف أخرى عن قلقها من احتمال تحول الضربة إلى شرارة مواجهة إقليمية أوسع. وتخشى العواصم الغربية من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تعطيل طرق الملاحة، ورفع أسعار النفط، وزيادة التوتر في ملفات حساسة مثل أمن الخليج، والبرنامج النووي الإيراني، وملف الاستقرار في أفغانستان المجاورة.

أما بالنسبة للعلاقات الإيرانية–الباكستانية، فقد جاءت تصريحات الدعم الباكستانية لإيران في لحظة حرجة، لا تخلو من تعقيدات. فبينما يعكس الموقف الرسمي تضامنًا مبدئيًا مع طهران، إلا أن العلاقات بين البلدين شهدت توترًا متصاعدًا في الأشهر الماضية بسبب الاشتباكات الحدودية، والاتهامات المتبادلة بشأن دعم جماعات مسلحة على جانبي الحدود. ومع ذلك، قد يسهم الهجوم الإسرائيلي في إعادة ترتيب الأولويات، ودفع الطرفين نحو تهدئة مؤقتة، مدفوعة بإحساس مشترك بالتهديد الخارجي.

وفي هذا السياق، تحاول باكستان تحقيق توازن دقيق بين رفضها للهجمات على السيادة الوطنية للدول – كما في حالة إيران – وبين علاقتها المعقدة مع الولايات المتحدة، التي تُعد حليفًا أمنيًا واقتصاديًا مهمًا. وهذا التوازن يظهر جليًا في تعزيز الحماية للبعثات الأميركية، بالتوازي مع خطاب سياسي يدين الهجوم الإسرائيلي بوضوح.