اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

رسائل طهران.. إيران تؤكد استكمال دورة الوقود النووي وترامب يلوّح باتفاق مؤقت

إيران
محمود المصري -

في تطور لافت يعكس تعقيد المشهد النووي الإيراني، كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، نقلاً عن مسؤول أوروبي مطّلع، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغت إيران استعدادها للسماح لها بمواصلة عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة منخفضة، وذلك ضمن إطار اتفاق مؤقت يجري التفاوض حوله سراً بين الجانبين.

هذه الإشارة الأمريكية، رغم أنها لم تُعلن رسمياً بعد، تمثل تحولاً براغماتيًا في مقاربة واشنطن لملف طهران النووي، بعد سنوات من سياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها ترامب في ولايته الأولى.
ويبدو أن عودة الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض قد فتحت الباب أمام استراتيجية أكثر مرونة، وإن كانت لا تزال محكومة بسياق إقليمي متفجر ودولي متوتر.
بالتزامن مع هذا التسريب، أطلق المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي تصريحات صريحة تؤكد ما اعتبره "اكتمال دورة الوقود النووي الإيرانية"، مشدداً على أن بلاده نجحت في بلوغ هذا الإنجاز عبر "جهود وطنية خالصة"، وأن إيران أصبحت من بين "قلة من الدول" التي تمتلك هذا المستوى من التطور التقني في المجال النووي.


لكن الرسائل الإيرانية تجاوزت البعد العلمي والتقني، لتأخذ طابعًا سياديًا وسياسيًا بامتياز. فقد أكد خامنئي في خطابه أن التخصيب ليس مجرد تفصيل تقني بل "ركيزة أساسية" لا يمكن التنازل عنها، قائلاً بصيغة قاطعة: "برنامج نووي بلا تخصيب لا يُعد برنامجًا حقيقيًا". وهي رسالة واضحة بأن طهران لا تقبل العودة إلى أية تسوية تفرغ برنامجها من مضمونه الاستراتيجي.
وفي لهجة تتسم بالتحدي، هاجم المرشد الإيراني السياسات الأمريكية، متهمًا واشنطن بمحاولة إبقاء إيران في موقع التبعية التقنية، ومخاطبًا الإدارة الأمريكية بلهجة حادة: "من أنتم لتقرروا ما إذا كان من حقنا امتلاك برنامج نووي أم لا؟". كما انتقد بشدة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، ودعا إلى انسحاب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط، معتبرًا أن واشنطن "شريكة كاملة" في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، خاصة في غزة.
وبنبرة عقائدية معتادة، أعاد خامنئي تأكيد موقفه من إسرائيل، واصفًا الكيان الصهيوني بأنه "إلى زوال"، ومشدداً على أن لا الولايات المتحدة ولا حليفتها الإسرائيلية قادرتان على وقف تطور البرنامج النووي الإيراني أو منعه من التقدم.


ورقة ضغط تفاوضية


تبدو طهران اليوم في موقع هجومي على أكثر من جبهة: فهي من جهة تروّج لإنجازها النووي داخليًا كرمز للاكتفاء والاستقلال، ومن جهة أخرى تستخدمه كورقة ضغط تفاوضية في وجه الغرب. أما الولايات المتحدة، فتمارس لعبة التوازن بين الردع والتفاوض، ربما في محاولة لاحتواء التصعيد دون الانخراط في اتفاق شامل مكلف سياسيًا في المرحلة الراهنة.
أما على المستوى الإقليمي، فإن تزامن التصعيد النووي مع التوترات في غزة والضفة، يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويضع الأطراف الدولية أمام معادلة صعبة: إما قبول إيران كقوة نووية كامنة، أو الدخول في مواجهة جديدة قد تفجر الشرق الأوسط من جديد.