وثيقة أوروبية مسرّبة: إسرائيل استخدمت التجويع كسلاح في غزة.. والمجتمع الدولي مطالب بوقف المجازر

في تطور خطير يعكس حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في قطاع غزة، كشفت وثيقة أوروبية سرية، صادرة عن وحدة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي في نوفمبر 2024، عن تورط الجيش الإسرائيلي في ارتكاب انتهاكات ممنهجة للقانون الإنساني الدولي. وأكدت الوثيقة أن هذه الانتهاكات تشمل استخدام التجويع كسلاح حرب، في سابقة وصفتها الدوائر القانونية الأوروبية بأنها جريمة فظيعة ترتقي إلى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
الوثيقة، التي يُعتقد أنها كانت مخصصة للتداول الداخلي بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وصفت الوضع الإنساني في غزة بأنه "كارثي"، وأشارت إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية لم تميز بين المدنيين والمقاتلين، بل أفضت إلى مقتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال خلال الشهور الماضية، في ظل حصار خانق ونقص شديد في الغذاء والماء والدواء.
أوروبا تدق ناقوس الخطر
رغم وضوح الإدانة في الوثيقة الأوروبية، فإن التحركات السياسية العلنية من جانب الاتحاد الأوروبي ما تزال تتسم بالتحفظ، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول مدى استعداد أوروبا لترجمة هذا التقييم الحقوقي إلى مواقف دبلوماسية أو قانونية فاعلة. ويمثل هذا التناقض بين التقييم الداخلي والتحرك الخارجي تحديًا أخلاقيًا وسياسيًا أمام مؤسسات الاتحاد التي لطالما تبنّت خطابًا يقوم على حماية حقوق الإنسان.
العفو الدولية: لا للمساعدات المسلحة.. ولا لصمت العالم
من جهتها، صعّدت منظمة العفو الدولية من لهجتها تجاه الممارسات الإسرائيلية في القطاع، مطالبة المجتمع الدولي بـ"وقف فوري لجميع أشكال التسليح والدعم العسكري لإسرائيل"، معتبرة أن هذه الإمدادات تحولت إلى أدوات للقتل الجماعي لا للردع الدفاعي. كما رفضت المنظمة بشدة ما وصفته بـ"خطة المساعدات المسلحة"، التي تُستخدم بحسب تعبيرها، لتسويق جرائم الحرب تحت غطاء إنساني زائف.
وأكّدت المنظمة، في بيان نشرته على منصة "إكس"، أن استخدام التجويع كسلاح هو انتهاك جسيم لاتفاقيات جنيف، داعية إلى رفع الحصار المفروض على غزة دون شروط، ووقف فوري لجميع العمليات التي تستهدف البنية الإنسانية للقطاع.
رفح.. رمز الدم والجوع
التقرير الحقوقي والنداءات الدولية تأتي بعد مجزرة مروعة ارتكبتها القوات الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث أطلقت النار على حشود من الفلسطينيين الذين كانوا يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في موقع تديره "مؤسسة غزة الإنسانية". وأسفرت هذه الجريمة، التي هزّت الضمير العالمي، عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، معظمهم من الجوعى والمشردين.
وتحوّلت رفح إلى رمز مركزي في معاناة الفلسطينيين خلال الحرب، إذ تمثل هذه الحادثة دليلاً ملموسًا على فشل المجتمع الدولي في حماية المدنيين، وتكشف عن تحول المساعدات الإنسانية من وسيلة للبقاء إلى ساحة قنص وابتزاز سياسي.
جريمة حرب
تكشف الوثيقة الأوروبية وتداعياتها الحقوقية أن الحرب على غزة تجاوزت حدود "العمليات العسكرية" لتدخل طور المحاسبة القانونية الدولية. إن الاعتراف باستخدام التجويع كسلاح – وهو ما يُعد جريمة حرب بنص القانون الدولي – يشكل نقطة تحول قد تفتح الباب أمام محاكمات دولية مستقبلية، إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك.
في المقابل، فإن الصمت الدولي، وتحديدًا الأوروبي والأمريكي، على المجازر المستمرة يطرح أسئلة مؤلمة عن نجاعة النظام الدولي لحقوق الإنسان، وعن ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي بحسب الجغرافيا والهوية السياسية للضحايا.
ما يحدث في غزة، بحسب الوثيقة الأوروبية وتحذيرات العفو الدولية، ليس فقط أزمة إنسانية، بل انهيار للقيم القانونية والأخلاقية التي ادّعى المجتمع الدولي أنها لا تقبل المساومة.