اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

شويغو في بيونغ يانغ.. موسكو تعزز محور التحالفات الشرقية وسط تصاعد التوترات مع الغرب

شويغو في بيونغ يانغ
محمود المصري -

في خطوة تعكس تنامي محور التحالفات المناوئة للغرب، وصل سكرتير مجلس الأمن الروسي، سيرغي شويغو، إلى العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ، حيث من المقرر أن يلتقي الزعيم كيم جونغ أون. وتأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية إقليمياً ودولياً، في ظل تصاعد التوترات العسكرية في أوروبا الشرقية، وتعثر مسارات التهدئة في حرب أوكرانيا، واستمرار واشنطن في تعزيز تحالفاتها في المحيطين الهندي والهادئ.
ووفق ما نقلته وكالتا "تاس" و"ريا نوفوستي" الروسيتان، فإن هذه الزيارة الرسمية ستتمحور حول مناقشة تنفيذ بنود معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعتها موسكو وبيونغ يانغ، في مؤشر واضح على الانتقال من التصريحات الدبلوماسية إلى تفعيل التحالفات الواقعية على الأرض. وقد أشار المكتب الإعلامي لمجلس الأمن الروسي إلى أن المباحثات ستتناول كذلك إحياء ذكرى المقاتلين الكوريين الذين شاركوا في تحرير منطقة كورسك، وهي منطقة روسية حدودية تُعد الآن محوراً لعمليات عسكرية روسية في صراعها المستمر مع أوكرانيا.

أبعاد متعددة للزيارة


يحمل توقيت الزيارة دلالات استراتيجية، إذ تأتي بعد أيام من إعلان روسيا عن إنشاء منطقة أمنية عازلة على حدودها مع أوكرانيا، وفي ظل تقارير عن عمليات تبادل أسرى واسعة النطاق، ما يعكس تقلبات ديناميكية في الميدان العسكري الروسي، توازيها محاولات لتعزيز الظهير السياسي والعسكري في الشرق الآسيوي.

ومن جهة كوريا الشمالية، فإن استقبال شخصية رفيعة بهذا المستوى من الجانب الروسي يعد رسالة واضحة إلى واشنطن وسيؤول وطوكيو، بأن بيونغ يانغ لا تزال تحظى بدعم قوى كبرى، وأن عزلتها الدولية ليست تامة كما يراد لها أن تكون.

محور جديد في طور التشكل

منذ اندلاع حرب أوكرانيا، بدأت روسيا في إعادة بناء علاقاتها الدولية بعيداً عن الفضاء الأوروبي، متجهة بثقل أكبر نحو الصين، وإيران، وكوريا الشمالية. ويبدو أن العلاقة مع بيونغ يانغ لم تعد مقتصرة على الشعارات أو رسائل التضامن، بل انتقلت إلى حيز الشراكات "الاستراتيجية الشاملة"، كما تؤكد صيغة المعاهدة محل البحث.
ويخشى الغرب من أن تؤدي مثل هذه التحركات إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، خصوصاً في مجالات مثل تكنولوجيا الصواريخ أو الدعم اللوجستي، وهو ما قد يؤدي إلى خلخلة التوازن الهش في شمال شرق آسيا، ويزيد من تعقيد الملف النووي الكوري، الذي يشهد جموداً منذ توقف محادثات واشنطن وبيونغ يانغ.

تحول تدريجي في موازين القوة العالمية

زيارة شويغو إلى كوريا الشمالية ليست مجرد مناسبة بروتوكولية أو لفتة دبلوماسية رمزية، بل تعكس تحولاً تدريجياً في موازين القوة العالمية، حيث تتلاقى مصالح موسكو وبيونغ يانغ في مواجهة مشتركة لما تعتبرانه "هيمنة غربية" تهدد أمنهما القومي. ويبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى سيترجم هذا التحالف إلى تنسيق عملي يعيد تشكيل معادلات الردع في آسيا وأوروبا معاً؟.