اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

إيران تُصرّ على تخصيب اليورانيوم وترفض ”الوصاية النووية”.. وخامنئي يواجه مقترح واشنطن بعبارة ”نحن قادرون”

خامنئي
محمود المصري -

تتجه أزمة الملف النووي الإيراني نحو مزيد من التعقيد، بعد تصريحات حاسمة أطلقها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، الأربعاء، رفض فيها صراحة المقترح الأميركي الجديد بشأن الاتفاق النووي، معتبراً إياه "انتهاكاً للسيادة الوطنية وتناقضاً مع مبدأ الاعتماد على الذات".
جاء هذا الموقف في توقيت دقيق، وسط محاولات دبلوماسية بوساطة عمانية استمرت على مدار خمس جولات منذ أبريل 2025، دون أن تنجح في كسر الجمود حول المسألة الأكثر حساسية: تخصيب اليورانيوم.

في خطابه، قدّم خامنئي موقف بلاده بلهجة متصلبة، مؤكداً أن تخصيب اليورانيوم ليس مجرد تقنية نووية بل "جزء لا يتجزأ من هوية إيران الصناعية واستقلالها العلمي"، مشدداً أن بلاده لن تتخلى عنه تحت أي ظرف. وقال بشكل قاطع: "الصناعة النووية من دون القدرة على تخصيب اليورانيوم أمر غير مجدٍ تخصيب اليورانيوم هو جوهر البرنامج النووي الإيراني".

خطر استراتيجي

وبينما ترى واشنطن، لا سيما في ظل عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، أن استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم يشكل خطراً استراتيجياً قد يفتح الباب أمام تطوير سلاح نووي، تصر طهران على أن نشاطها النووي مدني محض، وتؤكد أنها باتت تملك "الدورة الكاملة للوقود النووي"، وهو ما اعتبره خامنئي "إنجازاً استراتيجياً يضع القرار النووي بالكامل في يد الشعب الإيراني، لا بيد القوى الخارجية".

وفي تصريحاته الأخيرة، عبّر خامنئي عن رفض أي تدخل خارجي، قائلاً: "قلنا لأميركا: ليست لكم علاقة بالملف النووي الإيراني، والشعب هو مَن يقرر"، في رسالة مزدوجة لأميركا وإسرائيل مفادها أن طهران ستتخذ قراراتها السيادية دون "إذن" أو "ضوء أخضر" من أحد.

وفي المقابل، أعاد الرئيس ترمب تأكيد موقفه المتشدد، حين صرح بأن "إيران لن يُسمح لها بتخصيب اليورانيوم في أي اتفاق مستقبلي"، وهو ما قوبل برفض صريح من وزير الخارجية الإيراني، الذي وصف تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية بأنه "خط أحمر لا نقاش فيه".

هذا التصعيد الكلامي يعكس واقعاً تفاوضياً مسدود الأفق، تتصارع فيه رؤيتان متناقضتان: رؤية أميركية تسعى إلى الحد من قدرات إيران النووية بشكل صارم، ورؤية إيرانية تعتبر التنازل عن التخصيب مساساً بجوهر السيادة الوطنية.
وفي خلفية هذا المشهد، يبرز السياق الإقليمي والدولي المتوتر، من استمرار الحرب في أوكرانيا، إلى التوترات في الشرق الأوسط، ما يجعل أي انفجار نووي محتمل، ولو دبلوماسياً، حدثاً دولياً بالغ الخطورة.

المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن لم تعد فقط خلافاً تقنياً حول نسب التخصيب أو عدد أجهزة الطرد المركزي، بل تحوّلت إلى معركة رمزية حول السيادة والهوية الوطنية. وفي ظل تصلب المواقف، وغياب مؤشرات لتنازلات متبادلة، يبدو أن الاتفاق المؤجل سيبقى كذلك، ما لم تحدث اختراقات إقليمية أو داخلية تضغط على أحد الطرفين لتغيير الحسابات.