اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

كوريا الجنوبية على مفترق طرق.. الرئيس الجديد يتعهد بإعادة بناء الديمقراطية ومواجهة التحديات

رئيس كوريا الجنوبية
محمود المصري -

أدى الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جيه-ميونج، اليمين الدستورية في لحظة مفصلية تمر بها بلاده، واضعاً على عاتقه مهمة بالغة التعقيد: توحيد الدولة بعد اضطرابات سياسية غير مسبوقة، وإنعاش اقتصاد يعاني من تداعيات أزمة سياسية وأمنية، ورسم ملامح سياسة خارجية براغماتية تحفظ المصالح الوطنية في خضم عالم متغير.

أزمة الأحكام العرفية.. الجرح المفتوح

تأتي تنصيبه بعد عزل الرئيس السابق يون سوك يول، إثر محاولته الفاشلة فرض الأحكام العرفية في ديسمبر الماضي، في خطوة وُصفت بأنها قريبة من "انقلاب مدني مغلف بالدستور". هذا الإجراء أحدث انقساماً عميقاً في المجتمع الكوري، وترك البلاد في فراغ سياسي استمر نحو ستة أشهر.
وفي هذا السياق، شدد لي في خطاب تنصيبه على أن أولويته القصوى هي تجاوز آثار "العصيان"، وضمان عدم تكرار السيناريو الانقلابي، واستعادة الدولة لمدنيتها الديمقراطية. إذ قال: "حان الوقت لإعادة الأمن من ساحة الصراع السياسي إلى موقعه الطبيعي كضمان للسلم الأهلي."

اقتصاد مضطرب وحاجة ماسة للإنعاش

الاقتصاد الكوري الجنوبي، أحد أكثر اقتصادات آسيا تطوراً واعتماداً على التصدير، تضرر بشدة من الاضطرابات السياسية الداخلية، إضافة إلى تداعيات السياسات الحمائية التي انتهجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، خصوصاً في ما يخص الرسوم الجمركية على السلع التكنولوجية.
الرئيس الجديد أعلن عزمه تبني نهج اقتصادي "موجه نحو السوق"، يركز على دعم الابتكار في القطاعات المستقبلية كـالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، مع الالتزام بخلق بيئة حكومية تشجع لا تهيمن، في محاولة لإعادة الثقة إلى القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين.

دبلوماسية براجماتية في عالم مضطرب

في خطابه، قدّم لي ملامح لرؤية خارجية متزنة وغير أيديولوجية، تقوم على تعزيز التحالف التقليدي مع الولايات المتحدة، والانفتاح على التعاون مع اليابان، مع إبقاء الحوار مفتوحاً مع كوريا الشمالية رغم التهديدات المستمرة منها.
أوضح لي أن الدبلوماسية الكورية الجديدة ستكون واقعية، لا شعاراتية، هدفها تأمين المصالح القومية في وجه التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، ولا سيما التوتر الأميركي-الصيني المتصاعد والذي يلقي بظلاله على كل دول المنطقة.

التحدي الأمني.. بؤرة العلاقات الكورية - الأميركية

رغم تهنئة واشنطن للرئيس الجديد، لا تزال هناك خلافات معلّقة، أبرزها مطالبة إدارة ترمب السابقة بزيادة التمويل الكوري لتكاليف القوات الأميركية المنتشرة في البلاد (نحو 28,500 جندي).
كما أن كوريا الجنوبية تجد نفسها عالقة بين ضغوط الحليف الأميركي ورغبة الصين في توسيع نفوذها الإقليمي، ما يجعل التوازن بين التحالفات الإقليمية والأمن القومي الكوري تحدياً استراتيجياً بالغ الحساسية.

نحو مصالحة وطنية وديمقراطية متجددة

الرئيس لي حاول بث رسائل تطمين للشارع الكوري المنقسم، مؤكداً أنه "رئيس للجميع"، وأنه سيسعى لتضميد الجراح السياسية عبر خطاب توحيدي وإجراءات عملية لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.
عدم دعوة شخصيات أجنبية بارزة لحفل التنصيب المصغر، يشير إلى رغبة واضحة في التركيز داخلياً أولاً، على أن يُعقد احتفال رسمي أوسع في يوم الدستور الكوري، الموافق 17 يوليو، وهي إشارة رمزية إلى إعادة بناء الجمهورية على أسس ديمقراطية راسخة.