ترمب رئيساً إلى الأبد؟.. هواجس أمريكية من التمديد اللا دستوري

أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إشعال الجدل حول نواياه السياسية المستقبلية، بنشره مقطع فيديو عبر منصة «تروث سوشيال» يظهر فيه افتراضياً على غلاف مجلة تايم و قد فاز بعدد غير محدود من الانتخابات الرئاسية، في مشهد ينتهي بعبارة صادمة: «ترمب رئيساً للأبد».
هذا الفيديو لم يكن مجرد استعراض فني، بل أعاد إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول احترام ترمب للقيود الدستورية، و تحديداً التعديل الثاني والعشرين الذي يمنع تولي الرئاسة لأكثر من ولايتين.
ترمب، الذي لوّح سابقاً بفكرة الترشح لولاية ثالثة، يثير قلقاً متنامياً لدى معارضيه، الذين يرونه زعيماً ذا نزعة سلطوية متزايدة، غير خافٍ عنهم محاولاته السابقة للطعن في نتائج انتخابات 2020 والتشبث بالسلطة رغم خسارته. هذا السلوك، بنظرهم، يُعدّ مؤشراً على رغبة دفينة في الانقلاب على الأعراف الديمقراطية الراسخة.
ترمب يقدم نفسه في صورة زعيم مَلَكي
وفي سلسلة من الإشارات الرمزية، بدأ ترمب يقدم نفسه في صورة زعيم مَلَكي. فقد وصف نفسه بـ«الملك» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونُشرت له صورة وهو يضع تاجاً على رأسه عقب تدخله في سياسة رسوم الازدحام بنيويورك، معلناً أنه «أنقذ» المدينة، و مذيلاً عبارته بصرخة «عاش الملك»، و التي أعاد البيت الأبيض، خلال ولايته، نشرها عبر منصاته.
ترافق هذا الخطاب الرمزي مع مزاعم متكررة من ترمب بأنه يتمتع بتفويض شعبي غير مسبوق، مدعياً بشكل يتنافى مع البيانات الرسمية أنه فاز بأغلبية ساحقة.
كما استشهد بعبارة تُنسب إلى نابليون بونابرت: «من ينقذ بلاده لا ينتهك أي قانون»، في محاولة لتبرير تجاوزاته المحتملة بمنطق استثنائي.
لكن الواقع الانتخابي يعكس صورة مختلفة؛ فقد فاز ترمب في 2016 بأصغر هامش في التصويت الشعبي لأي رئيس منذ ريتشارد نيكسون في عام 1968، ما يضعف السردية التي يبنيها حول التأييد الجماهيري الكاسح.
تمهيد لمسار سياسي غير تقليدي
وخلال فعالية في البيت الأبيض بمناسبة شهر تاريخ السود، بدا وكأن ترمب يجسّ نبض الشارع مرة أخرى، حين سأل الحضور عما إذا كان ينبغي له الترشح مجدداً، فقابلوه بهتاف "أربع سنوات أخرى". هذه اللحظة كانت أكثر من مجرد تفاعل عفوي، بل قد تُقرأ كتمهيد لمسار سياسي غير تقليدي يسعى ترمب لرسمه خارج حدود الدستور، أو على الأقل على تخومه.
في المحصلة، يبدو أن ترمب لا يكتفي بلعب دور المرشح المحتمل، بل يصوغ سردية زعامة «استثنائية» تسعى إلى تجاوز الأطر الديمقراطية التقليدية، ما يدفع إلى إعادة التفكير في مدى صلابة المؤسسات الأميركية أمام شخصيات كاريزماتية ذات ميول سلطوية.