اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

أوكرانيا تتعرض لأكبر هجوم جوي بطائرات مسيّرة منذ بدء الحرب

مسيرات
محمود المصري -

في تصعيد نوعي خطير يعكس تغيرًا في نمط المواجهة العسكرية، أعلنت السلطات الأوكرانية صباح الأحد عن تنفيذ روسيا لأكبر هجوم جوي بطائرات مسيّرة منذ بداية الحرب الشاملة في فبراير 2022. وقد أسفر الهجوم، الذي استهدف مناطق واسعة في البلاد، عن مقتل امرأة في منطقة كييف وإصابة ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص آخرين، في حين وُضعت العاصمة ومعظم النصف الشرقي لأوكرانيا تحت تحذيرات جوية استمرت لست ساعات متواصلة.
ووفقاً لبيان القوات الجوية الأوكرانية، فقد أطلقت روسيا 273 طائرة مسيّرة خلال هذا الهجوم، موجّهةً إياها نحو أهداف استراتيجية في منطقة كييف المركزية، إضافة إلى مناطق دنيبروبتروفسك ودونيتسك الواقعتين في الشرق. وتمكّنت وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية من إسقاط 88 طائرة مسيّرة، بينما تبيّن أن 128 طائرة كانت محاكاة إلكترونية، يُعتقد أن الهدف منها كان إرباك الدفاعات الجوية دون أن تصيب أهدافًا فعلية.

تصعيد روسي بعد محادثات السلام

هذا الهجوم لا يمثل فقط تصعيدًا عسكريًا من حيث الكم، بل يثير تساؤلات حول التوقيت والسياق السياسي. فبحسب ما أشار إليه أندريه كوفالينكو، رئيس المركز الأوكراني لمكافحة المعلومات المضللة، فإن "الروس اعتادوا استخدام الحرب كأداة ضغط نفسي وميداني في سياق المفاوضات"، في إشارة إلى محادثات السلام التي جرت يوم الجمعة في إسطنبول، والتي لم تسفر عن وقف لإطلاق النار، وإنما عن اتفاق لتبادل ألف أسير حرب من الجانبين.
العدد القياسي السابق للطائرات المسيّرة الروسية خلال هجوم واحد كان في 23 فبراير الماضي، عشية الذكرى الثالثة للغزو الشامل، حين أطلقت موسكو 267 طائرة مسيّرة. لكن الهجوم الأخير تجاوز هذا الرقم، ما يشير إلى تحوّل في استراتيجية الكرملين قد يُنبئ بمرحلة أكثر كثافة في استخدام "الذخائر الرخيصة وذات الأثر النفسي العالي"، كما يصفها خبراء عسكريون.
في ضوء فشل المفاوضات الأخيرة، تبدو رسالة روسيا واضحة: لا وقف لإطلاق النار دون تنازلات، ولا تخفيف للهجمات دون ضغط ميداني مضاد. أما أوكرانيا، فرغم نجاحها النسبي في صد الهجمات الجوية، تجد نفسها أمام معضلة استراتيجية مزدوجة: حماية الجبهة الداخلية المتآكلة والتفاوض تحت وطأة التصعيد.

ترامب يسعى لإنهاء حرب أوكرانيا

في تطور لافت قد يعيد رسم مشهد الحرب الأوكرانية، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اعتزامه إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين المقبل، بهدف مناقشة سبل إنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا. كما أكد عزمه التواصل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يعكس محاولة ترامب للعب دور الوسيط في واحدة من أكثر الأزمات الجيوسياسية تعقيداً منذ الحرب الباردة.
في منشور على منصته الخاصة Truth Social، عبّر ترامب عن أمله في أن يسفر اليوم المنتظر عن وقف لإطلاق النار، وأن تنتهي الحرب التي وصفها بـ"العنيفة للغاية" والتي "ما كان ينبغي أن تحدث أبداً"، على حد قوله. هذا التصريح يعكس تموضع ترامب كزعيم ظل على المسرح الدولي، مستخدماً أدوات الدبلوماسية البديلة في خضم غياب دور رسمي له.

تسوية عادلة

وفي مقابلة أجريت معه على قناة "فوكس نيوز"، أشار ترامب إلى أن لقاءً مباشراً مع بوتين ربما يكون السبيل الوحيد للوصول إلى تسوية، بينما لم يتردد في توجيه انتقادات حادة إلى زيلينسكي، مكرراً ادعاءه بعدم قدرة الأخير على "صد روسيا"، وهو تصريح قد يعقد علاقاته بالقيادة الأوكرانية ويثير تساؤلات حول حيادية دوره كوسيط.
من الجانب الروسي، أوضح الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين قيد التحضير، لكنه اشترط أن اجتماعاً مباشراً بين الرئيسين الروسي والأوكراني قد يعقد فقط في حال توصل الجانبان إلى "اتفاقيات معينة" لم يُكشف عن طبيعتها. كما أشار إلى أن قائمة الشروط الروسية لوقف إطلاق النار يجري إعدادها وستُطرح على الجانب الأوكراني في جلسات تفاوض مغلقة.