اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

الفاو: غزة على حافة المجاعة.. الزراعة تنهار والمساعدات محاصَرة

غزة
محمود المصري -

في تطور خطير وغير مسبوق، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ناقوس الخطر بشأن الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، محذّرة من خطر المجاعة والانهيار الشامل للقطاع الزراعي، إضافة إلى احتمال تفشي أوبئة قاتلة تهدد حياة ملايين المدنيين. تأتي هذه التحذيرات في سياق تقرير صادم صدر عن "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" بتاريخ 6 مايو 2025، والذي أكد أن جميع سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة، بعد 19 شهراً من النزاع المدمر، النزوح القسري، والحصار الشامل الذي يمنع دخول المساعدات الحيوية.

انهيار الزراعة وانعدام الأمن الغذائي

أشارت "الفاو" إلى أن الزراعة في القطاع وصلت إلى نقطة الانهيار الكامل، نتيجة التدمير الواسع للبنية التحتية الزراعية، ومنع دخول مستلزمات الإنتاج كالبذور والأسمدة والوقود، مما جعل سكان غزة معتمدين كلياً على المساعدات الخارجية. وبحسب التقرير، فإن الفترة الممتدة من 11 مايو وحتى نهاية سبتمبر 2025 ستكون الأصعب، حيث يتوقع دخول كافة السكان في مرحلة "الأزمة" أو ما هو أسوأ من انعدام الأمن الغذائي (المرحلة الثالثة أو الرابعة ضمن التصنيف الأممي).

المجاعة تلوح في الأفق

دعا المدير العام للفاو، شو دونيو، إلى تدخل دولي عاجل، مؤكدًا أن "كل تأخير يفاقم الجوع ويعجّل بالمجاعة". كما شدد على ضرورة استعادة تدفق الإمدادات الإنسانية والتجارية على نطاق واسع وفوري، محذرًا من أن الوضع يتدهور بوتيرة متسارعة، وأن "التجويع يُستخدم كسلاح".

حصار غير مقبول

وفي موقف داعم لهذا التحذير، ندّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتكلفة الإنسانية "الباهظة وغير المقبولة" للحرب الجارية، مشيرة إلى أن الحصار الإسرائيلي الكامل على غزة يتعارض مع مبادئ القانون الإنساني الدولي. وقال مدير اللجنة، بيار كرينبول، إن منع دخول المساعدات الإنسانية يشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، محذرًا من أن "الأيام القليلة المقبلة ستكون مفصلية"، إذ ستنفد الإمدادات الطبية والغذائية بالكامل.

المساعدات محاصَرة.. والموت على الأبواب

منذ مارس الماضي، شددت إسرائيل القيود بشكل كامل على دخول المساعدات إلى القطاع، وهو ما أكدته وكالات الإغاثة التي وصفته بأنه "خنق متعمد" لسكان يعتمدون بشكل شبه كلي على الإغاثة الدولية. النقص الحاد في الوقود، الدواء، والغذاء، أدى إلى تفشي سوء التغذية الحاد، لا سيما بين الأطفال، مع انهيار النظام الصحي بشكل شبه كلي، وسط صمت دولي مريب.

الرواية الإسرائيلية ونفي الأزمة

رغم الأدلة الدامغة من المنظمات الدولية، تنفي إسرائيل وجود أزمة إنسانية في غزة، وتصرّ على أن الغذاء متوفر. وفي الوقت ذاته، أعلنت عن خطط لتوسيع عملياتها العسكرية للسيطرة الكاملة على القطاع، بحجة الضغط على حركة "حماس" للإفراج عن الرهائن المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023. هذا التناقض بين الوقائع الميدانية والرواية الرسمية الإسرائيلية يثير تساؤلات جوهرية حول استخدام الحصار كأداة سياسية وعسكرية.

إن تحذيرات "الفاو" و"الصليب الأحمر" لا تترك مجالاً للشك في أن غزة على شفا كارثة إنسانية شاملة، تهدد الحياة، وتدمر سبل العيش، وتُنذر بمجاعة هي الأسوأ في القرن الحالي إذا لم يُتخذ إجراء دولي عاجل. استمرار الحصار، والتقاعس الدولي، وتحويل المدنيين إلى رهائن في صراع سياسي وعسكري، كلها عوامل تدفع نحو سيناريو كارثي قد يسجل كوصمة في جبين الإنسانية.