اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

ضربة جديدة للاقتصاد الإسرائيلي.. صندوق النرويج السيادي يسحب استثماراته من شركة «باز» بسبب دعمها للمستوطنات

صندوق النرويج السيادي
محمود المصري -

في خطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية عميقة، أعلن صندوق الثروة السيادية النرويجي، الأكبر في العالم، عن تصفية جميع استثماراته في شركة "باز" الإسرائيلية للطاقة والتجزئة، وذلك على خلفية مساهمتها في دعم البنية التحتية للمستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة.
ويمثل هذا القرار تصعيدًا نوعيًا في مواقف الصندوق تجاه الشركات المتورطة في انتهاكات القانون الدولي الإنساني المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.
القرار الأخلاقي ومحدداته:
القرار يأتي تطبيقًا لتوصيات مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق، الذي اعتمد منذ أغسطس 2024 تفسيرًا أشد صرامة لمعايير المسؤولية الأخلاقية، مستندًا إلى مبادئ البرلمان النرويجي، خاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
وقد أوضح المجلس أن شركة "باز" تساهم في "استدامة المستوطنات" من خلال تشغيل البنية التحتية لتوريد الوقود، وهي مساهمة تُعد "استمرارًا لانتهاك قائم للقانون الدولي"، بحسب تعبير المجلس.

تأثير القرار والنطاق الأشمل

قرار التخارج من "باز" ليس الأول من نوعه؛ إذ تخارج الصندوق في ديسمبر الماضي من شركة "بيزك" للاتصالات لنفس الأسباب. ويأتي ذلك ضمن تحرك أوسع تشهده الساحة الأوروبية، حيث تعيد المؤسسات المالية الكبرى تقييم علاقاتها مع الكيانات المرتبطة بالاحتلال بعد تصاعد جرائم الحرب في غزة منذ أكتوبر 2023.
صندوق الثروة النرويجي، الذي يدير أصولًا تتجاوز تريليون دولار ويملك نحو 1.5% من الأسهم المدرجة في أكثر من 9000 شركة عالمية، يُعتبر مرجعًا عالميًا في تطبيق معايير البيئة، والمجتمع، والحوكمة (ESG). ومن هنا، فإن قراراته تكتسب ثقلًا معنويًا ومؤثرًا في سوق الاستثمارات العالمية، وغالبًا ما تُتبع بقرارات مماثلة من مؤسسات أخرى.
أثر مباشر على شركة "باز" والاقتصاد الإسرائيلي:
"باز"، التي تُعد أكبر مشغل لمحطات الوقود في إسرائيل، وتدير تسع محطات داخل الضفة الغربية المحتلة، تواجه الآن تحديًا كبيرًا في سمعتها الدولية، وقد يتبع هذا القرار انسحاب مؤسسات استثمارية أخرى تسير على نهج الصندوق النرويجي.
القرار يؤكد أن الاستيطان ليس فقط جريمة قانونية، بل أيضًا عبء اقتصادي متزايد، خاصة مع تزايد وعي المستثمرين العالميين بأهمية الاستثمارات الأخلاقية وتأثير السمعة في السوق.

إشارات سياسية ودبلوماسية

القرار ينسجم مع موقف محكمة العدل الدولية، التي أكدت في حكم صادر العام الماضي أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والمستوطنات "غير قانوني" ويجب إنهاؤه فورًا.
وبينما ترفض تل أبيب هذه الأحكام، فإن استمرار مثل هذه الإجراءات من مؤسسات مالية كبرى يعمّق عزلتها الدولية ويضع ضغوطًا اقتصادية متنامية على الاحتلال.
هل هي بداية سلسلة انسحابات؟
رغم أن التخارج من "باز" لم يُرافقه إعلان عن خطوات إضافية، فإن مجلس الأخلاقيات يدرس حاليًا ملفات 65 شركة أخرى تنشط في قطاعات مختلفة مثل الطاقة والبنى التحتية والسفر والخدمات المصرفية، ما يُبقي الباب مفتوحًا أمام مزيد من الانسحابات العقابية مستقبلاً.