ماكرون: المقترح الروسي بإجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا «غير كاف».. وزيلينسكي يرحب

عد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأحد، أن مقترح نظيره الروسي فلاديمير بوتين إجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا هو "خطوة أولى لكنها غير كافية"، بعدما طالبت كييف وحلفاؤها بوقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً.
وقال ماكرون لصحافيين بعيد وصوله إلى بولندا بالقطار عائداً من العاصمة الأوكرانية، "وقف إطلاق النار غير المشروط لا تسبقه مفاوضات"، معتبراً أن اقتراح بوتين إجراء محادثات مباشرة في تركيا في 15 مايو الجاري يظهر أنه "يبحث عن مسار (للتسوية)، لكنه لا يزال يرغب في كسب الوقت".
من جانبه أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يعتزم "مواصلة العمل" مع موسكو وكييف لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيداً بما قد يكون "يوماً عظيماً" للطرفين بعد اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا.
وكتب ترامب على منصته "تروث سوشال"، "قد يكون هذا يوماً عظمياً لروسيا وأوكرانيا" من دون أن يحدد السبب المباشر لذلك. وأضاف "فكروا بمئات الآلاف من الأرواح التي سيجري إنقاذها مع اقتراب ’حمام الدم’ اللامتناهي هذا من نهايته... سأواصل العمل مع الطرفين لضمان حصول ذلك".
زيلينسكي يرحب بدعوة بوتين
من ناحيته رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بدعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء محادثات سلام مباشرة بين البلدين.
ووصف زيلينسكي دعوة بوتين بأنها "علامة إيجابية" تُظهر أنّ روسيا بدأت تفكر في إنهاء الحرب، لكنه دعا موسكو مرة أخرى إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، ابتداء من يوم الاثنين.
وكان بوتين قد دعا إلى إجراء "محادثات مباشرة" مع أوكرانيا، في أول تصريح له بعد انتهاء الهدنة التي أعلنتها روسيا بمناسبة عيد النصر.
وقال بوتين في خطاب بثه التلفزيون الروسي: "نحن نسعى إلى محادثات جادة لإزالة الأسباب الجذرية للصراع وبدء التحرك نحو سلام دائم وقوي"، داعياً لأن تبدأ المحادثات في إسطنبول "دون تأخير، في وقت مبكر؛ ربما في 15 مايو ".
استهداف كييف
قال رئيس بلدية العاصمة الأوكرانية كييف، إن وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية تصدت لهجوم جوي روسي على المدينة بعدما حذرت القوات الجوية من هجوم بطائرات مسيرة.
جاء الهجوم بعد ساعات من اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا منتصف مايو الجاري في إسطنبول بهدف التوصل إلى سلام مستدام.
وسمع شهود من "رويترز" دوي انفجارات في كييف بدت كأنها أنظمة دفاع جوي تقوم بعملها.
مقترح بوتين
اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم إجراء مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول في 15 مايو، بعد ساعات من دعوة كييف وزعماء أوروبيين إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً يبدأ الإثنين.
وكان زعماء أوكرانيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا قد هددوا موسكو السبت خلال اجتماع في كييف بفرض عقوبات جديدة عليها إذا رفضت هذه الدعوة.
لكن بوتين لم يتطرق إلى هذه الدعوة بشكل صريح في بيان ألقاه في الكرملين عند الساعة الواحدة صباحا (22,00 ت غ السبت)، بل عرض بدلا من ذلك اقتراحا مضادا لإجراء مفاوضات جديدة بين روسيا وأوكرانيا.
وقال بوتين "نقترح على سلطات كييف استئناف المحادثات التي قطعوها في عام 2022، وأؤكد، من دون أي شروط مسبقة".
وكان المفاوضون الروس والأوكرانيون قد عقدوا مفاوضات مباشرة في إسطنبول في الأسابيع الأولى من النزاع، لكنهم فشلوا في التوصل إلى اتفاق لوقف القتال الذي لا يزال محتدما منذ ذلك الحين.
أضاف بوتين "نقترح أن نبدأ (المفاوضات) دون تأخير يوم الخميس 15 مايو في إسطنبول"، مردفا أنه سيتحدث إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قريبا لطلب مساعدته في تسهيل المفاوضات.
وأكد بوتين أنه "ملتزم بإجراء مفاوضات جادة مع أوكرانيا" تهدف إلى "إزالة الأسباب الجذرية للنزاع وإرساء سلام دائم".
وعادة ما يشير تعبير "الأسباب الجذرية" للنزاع إلى المبررات التي قدمتها روسيا لغزوها أوكرانيا في فبراير 2022، وتشمل التصدي ل"النازية" وحماية الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا ومنع توسع حلف شمال الأطلسي.
ورفض الغرب جميع هذه المبررات، معتبراً أن الهجوم الروسي ليس أكثر من عملية استيلاء على أراض بأسلوب امبراطوري.
وقُتل عشرات الآلاف منذ أن شنت روسيا هجومها، واضطر الملايين إلى النزوح من منازلهم.
وقال بوتين "لا نستبعد أن نتمكن خلال هذه المفاوضات من الاتفاق على وقف جديد لإطلاق النار". واتهم الداعمين الغربيين لأوكرانيا بالسعي إلى "مواصلة الحرب مع روسيا"، منتقداً بشدة "الإنذارات" الأوروبية و"الخطاب المعادي لروسيا"، دون أن يذكر الاقتراح الأوكراني الأوروبي لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما.
إرسال قوات إلى أوكرانيا
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال أمس السبت إن بلاده تتشاور مع شركائها بشأن إمكانية إرسال قوات إلى أوكرانيا لدعمها في الصراع مع روسيا، من دون أن يوضح ما يمكن أن يتضمنه هذا الوجود العسكري.
وأضاف ماكرون لصحيفة "لو باريزيان"، "نعمل على أن يكون للدول الشريكة حضور ووجود استراتيجي، جرت عدة اتصالات بين قادة الجيوش في بريطانيا وفرنسا وأوكرانيا، الذين ينسقون العمل مع جميع شركائهم، كل هذا يزداد وضوحاً ويحرز تقدماً"، مشيراً إلى أن "المفتاح هو وجود قوات في أوكرانيا".
وأعلنت قوى أوروبية كبرى، منها فرنسا، تأييدها لوقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يوماً في أوكرانيا بدعم من الرئيس الأمريكي. وانضم ماكرون إلى زعماء بريطانيا وألمانيا وبولندا في زيارة إلى كييف السبت أجروا خلالها مكالمة هاتفية مع ترامب.
وانتهى منتصف ليل الأحد (الساعة 21:00 ت غ السبت) وقف إطلاق النار الذي أعلنته روسيا من جانب واحد لمدة 72 ساعة في أوكرانيا، وقالت كييف إن موسكو انتهكته مئات المرات.
وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين وقف إطلاق النار ليتزامن مع العرض العسكري الضخم الذي أقيم في موسكو في 9 مايو احتفالا بالذكرى الـ80 للانتصار على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية. لكن أوكرانيا رفضت هذه الهدنة التي وصفتها بأنها "مسرحية"، ودعت بدلا من ذلك إلى وقف لإطلاق النار لمدة 30 يوما.
إيران تدعم روسيا عسكرياً
من ناحية أخرى، قال مسؤولان أمنيان غربيان ومسؤول إقليمي إن إيران تستعد لتسليم منصات إطلاق صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى روسيا في المستقبل القريب.
وكانت الولايات المتحدة قالت إن طهران أرسلت منصات من هذا النوع لروسيا في 2024 لاستخدامها في الحرب مع أوكرانيا.
ونفت إيران عزمها القيام بذلك ووصفت الفكرة بأنها "سخيفة تماما".
ومن شأن إرسال منصات "فتح-360" إلى روسيا أن يدعمها في الهجوم الشرس الذي تشنه على جارتها، وهو ما يؤكد عمق العلاقات الأمنية بين موسكو وطهران.
وقال محللون إن منصات إطلاق صواريخ "فتح-360"، التي يبلغ مداها 120 كيلومترا، ستمنح القوات الروسية القدرة على استخدام سلاح جديد ضد القوات الأوكرانية في الخطوط الأمامية والأهداف العسكرية والمناطق السكانية القريبة من الحدود مع روسيا.
وذكرت الولايات المتحدة في سبتمبر أن إيران سلمت الصواريخ لروسيا على متن تسع سفن ترفع العلم الروسي فُرضت عليها عقوبات. وقالت ثلاثة مصادر لـ"رويترز" آنذاك إن منصات الإطلاق لم تكن ضمن الأسلحة التي أرسلتها إيران.
وقال المسؤولون الأمنيون الغربيون والمسؤول الإقليمي، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، إن تسليم منصات الإطلاق "فتح-360" بات وشيكا. ورفضوا تقديم مزيد من التفاصيل عن عملية نقل الأسلحة المرتقبة، بما في ذلك سبب اعتقادهم بعدم تسليم منصات الإطلاق مع الصواريخ.
وانتقدت بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة ما وصفتها "بالادعاءات الواهية" ضد طهران. وقالت في بيان مُرسل عبر البريد الإلكتروني "ما دام الصراع مستمرا بين الطرفين، ستمتنع إيران عن تقديم أي شكل من أشكال المساعدة العسكرية لأي منهما".
ولم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلبات للتعليق حتى الآن. وأحال مجلس الأمن القومي الأمريكي طلبات التعليق إلى وزارة الخارجية، التي لم ترد حتى الآن. وأحجمت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن التعليق.
ونفت روسيا وإيران في وقت سابق أن تكون طهران شحنت صواريخ أو أي أسلحة أخرى لمساعدة موسكو في غزوها لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير 2022. ويقول مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون وأوروبيون إن إيران زودت روسيا بآلاف الطائرات المسيرة وقذائف مدفعية.
وفي إشارة على ما يبدو إلى صواريخ "فتح-360"، قال الجنرال كريستوفر كافولي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، لمشرعين أمريكيين الشهر الماضي إن إيران تبرعت لروسيا بأكثر من 400 صاروخ باليستي قصير المدى.
ولم ترد أي تقارير علنية عن نقل إيران أي أنواع أخرى من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى إلى موسكو، أو عن استخدام القوات الروسية لصواريخ "فتح-360".
تعقيدات محتملة لمحادثات السلام
قد يؤدي نشر روسيا للصواريخ إلى تعقيد جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وترتيب محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا، وإبرام اتفاق منفصل مع إيران لكبح برنامجها النووي.
وقال المسؤول الإقليمي إن المحادثات النووية غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بوساطة عُمان كانت من بين "بضعة أسباب" أرجأت تسليم القاذفات.
وواجهت المحادثات عثرات، لكن إيران قالت أمس الجمعة إنها وافقت على عقد جولة رابعة في سلطنة عُمان اليوم الأحد.
وقال جاك واتلينج، وهو باحث بارز في مركز أبحاث المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن المسؤولين الإيرانيين يعتبرون مسألة إرسال أسلحة إلى روسيا منفصلة عن المحادثات النووية. وأضاف "لن يُنظر إلى تفاوض الإيرانيين في القضايا النووية مع الولايات المتحدة على أنه مرتبط بما قد يفعلونه في التعاون مع الروس".
وقال محللون إنه ربما كان هناك تعقيد آخر. فقد اضطرت إيران إلى تعديل شاحنات تجارية أوروبية الصنع لتضع عليها منصات إطلاق صواريخ فتح-360 خاصة بها، وربما تضطر إيران إلى اتباع الإجراء ذاته مع روسيا في ضوء خسائر موسكو الهائلة من المركبات في أوكرانيا.
وقال خبراء إنه مع وجود منصات الإطلاق، ستتمكن روسيا من زيادة الضغط على أوكرانيا.
ويرى فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أنه "سيكون من الأسهل بكثير (للقوات الروسية) شن ضربة أسرع بكثير على أهداف عالية القيمة، إنها (صواريخ فتح 360) لا تحتاج إلى استعدادات كثيرة للإطلاق، فالزمن الذي تستغرقه في الانطلاق قصير جدا".
وقال محللون إن نشر "فتح-360" قد يسمح لروسيا بالاحتفاظ بصواريخها الأكثر تطوراً، مثل إسكندر، لتوجيه ضربات أبعد مدى على البنية التحتية الحيوية التي تتضمن شبكة الكهرباء، مما ينهك الدفاعات الصاروخية الثمينة في أوكرانيا.
وقال رالف سافيلسبرج، الأستاذ المساعد في أكاديمية الدفاع الهولندية، إن "صاروخ فتح-360 مصمم ليتعامل معه ويشغله أشخاص محدودو التدريب نسبياً". وأضاف "لماذا يشترون (الروس) صواريخ إيرانية أقل تقدماً؟ السبب الوحيد الذي يمكنني أن أفكر فيه هو أنهم لا يستطيعون إنتاج عدد كاف من صواريخهم الخاصة".
ومضى يقول "إنها ليست فائقة الدقة وحمولتها (من المتفجرات) ليست كبيرة جداً. لكنها تفاقم مشكلات أوكرانيا".