اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

«معاهدة نانسي».. باريس ووارسو تتعهدان بالمساعدة المتبادلة في مواجهة أي اعتداء روسي

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يتصافحان بعد توقيع معاهدة عقب لقائهما في نانسي
خالد الحويطي -

وقع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في نانسي، شرق فرنسا، معاهدة تعزز، التعاون الدفاعي بين البلدين في مواجهة روسيا التي تعتبرها فرنسا تهديدا متزايدا بعد ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، و في خطوة تعكس تنامي الدور البولندي في أوروبا في مواجهة روسيا، والمعاهدة التي وقعت بالأحرف الأولى في فندق "دوفيل" في نانسي بمنطقة اللورين شرق فرنسا، مماثلة لمعاهدات سبق أن وقعتها باريس مع كل من المانيا وايطاليا واسبانيا.

وشدد ماكرون على أن أحد الجوانب الرئيسية للمعاهدة هو بند "الدفاع المشترك"، مؤكدا أن هذا البند يُضاف إلى الحماية التي يوفرها أساسا حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي، وقال ماكرون وإلى جانبه توسك إن المعاهدة "لا تُغني عن الناتو أو الاتحاد الأوروبي"، مضيفا أنها "تُعزز ما هو قائم بالفعل"، وأشاد توسك في وقت سابق بـ"الضمانات الأمنية المتبادلة"، متحدثا عن بند يتناول ما سيحدث "في حال تعرض أحدنا لهجوم".

وتنص المعاهدة على أنه "في حالة وقوع عدوان مسلح على أراضيهما، يلتزم الطرفان بتقديم مساعدة متبادلة، بما يشمل الوسائل العسكرية".

وتتناول الوثيقة المكونة من 17 صفحة مواضيع الأمن والدفاع والتعليم والاقتصاد وسياسة الهجرة والتنمية المستدامة، وفقًا لما أفادت به مراسلة إذاعة فرنسا الدولية الخاصة في نانسي، مورييل بارادون، ما من شأنه وفق الرئيس الفرنسي أن تسمح بالمضي قدما معا واستخلاص العبر من النظام العالمي الجديد.

حدث تاريخي

من جانبه اعتبر الرئيس البولندي أن هذا الحدث تاريخي وقال في مؤتمر صحفي، في إشارة إلى أن الوثيقة تتضمن بندا بشأن المساعدة المتبادلة في حالة وقوع هجوم مسلح: "أنا مقتنع تمامًا بأن فرنسا وبولندا ستتمكنان من الاعتماد على بعضهما البعض في جميع الظروف، الجيدة منها والصعبة".

وأكد ماكرون أن هذه المعاهدة تفتح صفحة جديدة"، مشيرًا إلى "تضامن لا رجعة فيه"، كما شدد على أن المصالح الحيوية لفرنسا، التي تشكل أساس استراتيجيتها للردع النووي، تشمل أيضًا مصالح شركائها الرئيسيين في أوروبا.

ديجول والردع النووي الفرنسي

وقال ماكرون: "منذ الستينيات، تصريحات الجنرال ديغول، أكدت البعد الأوروبي لهذا الردع، وتم تأكيده باستمرار من قبل جميع أسلافي".

وفرنسا هي الدولة الوحيدة في أوروبا الغربية، إلى جانب المملكة المتحدة، التي تمتلك سلاحًا نوويًا أما الدول الأوروبية الأخرى الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) فهي حتى الآن تحت المظلة النووية الأمريكية ويأتي توقيع هذا المعاهدة في وقت أصبحت فيه بولندا لاعبا رئيسا على الجانب الشرقي من حلف شمال الأطلسي وتشعر بالتهديد من موسكو.

جاءت هذه اللقاءات في نانسي في الوقت الذي تحدى فيه فلاديمير بوتين الغرب في موسكو باستعراض عسكري ضخم بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية.

دفاع متبادل بمواجهة روسيا

وقال ماكرون إن الرئيس بوتين يقف إلى جانب الحرب، وليس إلى جانب السلام وأولئك الذين صدقوا أن لديه نية للسلام خدعوا أنفسهم، وجاءت تصريحات ماكرون في الوقت الذي لا تهدأ فيه الحرب في أوكرانيا على الرغم من وعد دونالد ترامب بإنهائها.

وقبل وصوله إلى فرنسا، أعلن دونالد توسك أن المعاهدة ستتضمن بنداً للدفاع المتبادل، يفتح الباب أمام إمكانية التعاون في مجال الردع النووي.

وبهذا الصدد قال ماكرون من ساحة ستانيسلاس في نانسي "في هذه المعاهدة نحن نرسخ تضامنًا أقوى، مما يسمح بتفعيل ما هو موجود بالفعل في المادة 5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي".

وأشاد الزعيم البولندي بهذا البند المتعلق بالدعم المتبادل في حالة تعرض أحد بلداننا للعدوان، الذي يشكل جوهر هذه المعاهدة"، وأضاف: "في حالة وجود تهديد أو هجوم على بولندا وفرنسا، يتعهد البلدان بتقديم المساعدة المتبادلة، بما في ذلك المساعدة العسكرية".

ورداً على سؤال حول المساعدة الملموسة في حالة اعتداء روسيا على بولندا، أكد إيمانويل ماكرون أن الانتشار سيكون ممكناً في حالة الاعتداء "بدليل أنه عندما قررت روسيا شن حربها العدوانية على أوكرانيا في فبراير 2022، تمكنا في غضون خمسة أيام من نشر قوات في رومانيا".

وكانت باريس ووارسو قد أبرمتا معاهدة في عام 1991، عندما خرجت بولندا من الحيز السوفيتي بعد سقوط الستار الحديدي، لكنها كانت أقل طموحا.

التعاون في البنية التحتية والطاقة النووية

بالإضافة إلى الدفاع، سيتم تعزيز التعاون الفرنسي البولندي في قطاعات البنية التحتية والطاقة النووية، حيث تخطط وارسو لبناء عدة محطات وسلط دونالد تاسك الضوء على ضمانات الأمن المتبادل، حيث شرعت بلاده التي يبلغ عدد سكانها حوالي 38 مليون نسمة في برنامج لتحديث جيشها بشكل سريع وأصبحت لاعباً سياسياً وعسكرياً رئيسياً في أوروبا.

أفضلية لأوروبا

وقد كانت بولندا تعتمد حتى الآن بشكل كبير على الولايات المتحدة في مجال الدفاع، وهي تشعر بانزعاج شديد بسبب مناخ عدم اليقين الناجم عن مواقف دونالد ترامب المتناقضة تجاه أوروبا، وأعلن إيمانويل ماكرون تنظيم تدريبات مشتركة بين الجيوش الفرنسية والجيش البولندي في الأشهر المقبلة".

وتأمل باريس في تعزيز التنسيق العسكري والدبلوماسي في المنطقة، وعدم السماح للولايات المتحدة بالهيمنة على الحوار مع البولنديين ودعا الرئيس الفرنسي إلى "طريق وسط" و"طريق الاستقلال الاستراتيجي الذي يجعلنا نريد أن يكون كل ما هو أساسي أوروبياً"، مع الحفاظ على التعاون مع الحلفاء الأمريكيين.

ولا يزال ما يقرب من 10 آلاف جندي أمريكي متمركزين بشكل دائم في بولندا، كما أن الصناعة العسكرية البولندية تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة لكن كما ينص النص الموقع، وعد دونالد توسك بالتدرج في إعطاء الأفضلية لأوروبا في مجال المشتريات العسكرية.