اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

روسيا تؤكد التزالمها بالهدنة.. وزيلينسكي يدعو إلى محاربة «الشر الروسي»

رجال يمرون أمام مبنى سكني متضرر في بلدة ليمان بالقرب من خط المواجهة بمنطقة دونيتسك
خالد الحويطي -

أكد الجيش الروسي الخميس "التزامه الصارم" للهدنة التي أعلنها الرئيس فلاديمير بوتين مدة ثلاثة أيام في أوكرانيا، مشيراً إلى أنه يكتفي بـ "الرد" على هجمات كييف التي تنتهك وقف إطلاق النار.

وقالت وزارة الدفاع عبر تلجرام إن قواتها لا تشن أي غارة جوية أو قصف مدفعي ولا تطلق أي صواريخ أو مسيرات. وأضافت أن "القوات المسلحة الروسية ترد بشكل متناسب على الانتهاكات وقف إطلاق النار من جانب القوات المسلحة الأوكرانية".

زيلينسكي يدعو إلى "محاربة الشر الروسي"

من جهته أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب اليوم الخميس بمناسبة مرور 80 عاماً على الانتصار على ألمانيا النازية، أنه يجب "محاربة الشر" الروسي "معاً"، بعد أكثر من ثلاثة أعوام على بدء الهجوم الروسي لأوكرانيا.

وقال زيلينسكي ضمن خطاب نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، "يجب أن نحارب، معاً، بعزيمة وبقوة". وندد بالاحتفالات الضخمة التي ينظمها الكرملين في موسكو غداً الجمعة بهذه المناسبة، مؤكداً أنها "ستكون استعراضاً للوقاحة والأكاذيب".

وقال متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم إن قوات روسية واصلت مهاجمة جنود أوكرانيين شرقاً، على رغم وقف إطلاق النار الذي أعلنته روسيا لمدة ثلاثة أيام ودخل حيز التنفيذ عند منتصف الليل بتوقيت موسكو (21.00 بتوقيت جرينتش مساء أمس الأربعاء).

وأضاف فيكتور تريهوبوف المتحدث باسم الجبهة الشرقية للجيش الأوكراني أن روسيا شنت هجمات عسكرية داخل عدة مناطق بعد منتصف الليل.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن 139 اشتباكاً وقعت على خط الجبهة حتى العاشرة مساء بالتوقيت المحلي (19.00 بتوقيت جرينتش) أمس الأربعاء، ووقع 196 اشتباكاً حتى الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي اليوم.

وكانت هدنة دخلت حيز التنفيذ فجر اليوم الخميس لمدة ثلاثة أيام بين موسكو وكييف أمر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمناسبة إحياء ذكرى النصر على ألمانيا النازية، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام روسية رسمية.

وقالت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "ريا" إن "وقف إطلاق النار بدأ بمناسبة الذكرى الـ80 للنصر العظيم"، علماً بأن كييف لم تقبل بهذه الهدنة واعتبرتها مجرد خدعة إعلامية من جانب الكرملين، وطالبت بدلاً منها بوقف لإطلاق النار لمدة 30 يوماً.

أعلنت روسيا أمس الأربعاء إسقاط مسيرات أوكرانية كانت متجهة إلى موسكو، بعد وصول عدد من القادة الأجانب، أبرزهم الرئيس الصيني شي جينبينغ، لحضور احتفالات الذكرى الـ80 للانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية.

وأتى ذلك بعد تأكيد الكرملين اتخاذه "كل التدابير اللازمة" لضمان أمن احتفالات الذكرى الـ80 للانتصار على ألمانيا، التي من المرتقب أن يحضرها نحو 30 زعيماً أجنبياً، وذلك بعدما تسببت هجمات أوكرانية في اليومين الأخيرين بتعطيل الحركة في مطارات في غرب روسيا، مما أثار مخاوف على حسن سير المراسم الاحتفالية.

وأعلن رئيس بلدية موسكو سيرجي سوبيانين تحييد تسع طائرات من دون طيار "عند اقترابها من موسكو"، مضيفاً عبر "تيليغرام" إن "متخصصين في خدمات الطوارئ يعملون بموقع سقوط الحطام".

هجمات جوية متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

ليل الثلاثاء الأربعاء، أسفرت هجمات جوية متبادلة بين روسيا وأوكرانيا عن مقتل شخصين في كييف وإصابة نحو 10 من الجانب الأوكراني، وعن إغلاق مطارات في موسكو لفترة موقتة.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الأربعاء أن موسكو تتخذ "كل التدابير اللازمة"، لضمان أمن الاحتفالات التي ستبلغ ذروتها مع الاستعراض العسكري الجمعة في الساحة الحمراء، بحضور زعماء أبرزهم الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي وصل الأربعاء.

وحضر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والتقى نظيره فلاديمير بوتين في الكرملين، إذ وقعا اتفاقاً يؤسس لـ"شراكة استراتيجية" بين موسكو وكراكاس.

كما وصل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الأربعاء، على أن يلتقي بوتين الجمعة ويحضر الاستعراض العسكري في اليوم نفسه.

وتكتسي احتفالات التاسع من مايو أهمية كبيرة في الوجدان القومي لنصر 1945 في الحرب العالمية الثانية، وعمل الكرملين على الترويج لكون الهجوم الذي شنه على أوكرانيا في فبراير 2022 وأودى بحياة عشرات الآلاف من كل جانب، هو امتداد للحرب على النازية.

وأعلن بوتين بمناسبة هذه الاحتفالات هدنة في الحرب على أوكرانيا مدتها ثلاثة أيام، من الثامن إلى الـ10 من مايو.

غير أن هذا المقترح، الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ الأربعاء عند الساعة 21:00 بتوقيت جرينيتش، لقي انتقاداً واسعاً من كييف.

وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن قناعته بأن روسيا لن تحترم الهدنة، مشدداً على أن كييف لا يمكنها أن تضمن أمن الزعماء الذين سيحضرون المراسم في موسكو.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك في الأليزيه الأربعاء مع المستشار الألماني الجديد فريدريش ميرتس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بوتين "لن يحترم على الأرجح هدنة الأيام الثلاثة"، متسائلاً عن "مدى جدية الرئيس الروسي ومتى سيفي أخيراً بالتعهدات التي قطعها خصوصاً في المناقشات مع الإدارة الأمريكية".

أهمية الالتزام المتواصل للولايات المتحدة

إلى جانبه قال ميرتس "لا يمكن إنهاء هذه الحرب في أوكرانيا من دون الالتزام المتواصل للولايات المتحدة الذي لا يمكن أن يقدم الأوروبيون بديلاً عنه"، مشدداً على ضرورة "بقاء الأمريكيين على الخط للاضطلاع بمسؤولياتهم في الناتو وإزاء أوكرانيا".

وفي موسكو، قالت الطالبة فاليريا بافلوفا (22 سنة) التي التقى بها مراسل وكالة الصحافة الفرنسية في محيط أحد الشوارع الرئيسة في العاصمة، حيث تجري تمرينات عامة على استعراض التاسع من مايو، إنها لا تعتقد أن أوكرانيا ستلتزم بهذه الهدنة.

وواصلت أوكرانيا هجماتها الليلية بالمسيرات على روسيا، مما تسبب في الساعات الأولى الأربعاء في "قيود موقتة" وتحويل مسار رحلات كانت متوجهة إلى مطار شيريميتييفو الدولي في موسكو، وفق شركة الطيران المحلية "ايروفلوت".

إلغاء أو تأخير 350 رحلة في الأقل في روسيا

منذ الثلاثاء، جرى إلغاء أو تأخير 350 رحلة في الأقل في روسيا، مما أثر في 60 ألف راكب على أدنى تقدير، بحسب جمعية المراقبين الجويين الروس.

وفي أوكرانيا التي تتعرض لقصف يومي كثيف من موسكو، أغلق المجال الجوي بالكامل منذ بداية هجوم عام 2022.

وأفاد رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين بأن 14 مسيرة أوكرانية كانت موجهة نحو العاصمة أسقطتها الدفاعات الجوية ليل الثلاثاء الأربعاء، وعلقت أنشطة مطارات روسية عدة بسبب الهجمات الأوكرانية.

وغالباً ما تعلق السلطات الروسية حركة الملاحة في المناطق التي تشغل فيها أنظمة الدفاع الجوي، غير أن نطاق الإغلاقات يتسع بشدة مع اقتراب التاسع من مايو.

وأفادت السلطات الأوكرانية من جهتها الأربعاء بهجمات استهدفت مواقع عسكرية في روسيا، هي ثلاث شركات وقاعدتان جويتان.

خمسة صواريخ بالستية و187 مسيرة على أوكرانيا

قبل ساعات من سريان الهدنة التي أعلنتها موسكو، أطلق الجيش الروسي خمسة صواريخ بالستية و187 مسيرة على أوكرانيا، وفق ما أعلنت الأربعاء القوات الجوية الأوكرانية التي كشفت عن إسقاط صاروخين و81 مسيرة.

وفي كييف، قتل شخصان، هما امرأة وابنها، وأصيب سبعة، بينهم أربعة أطفال، بحسب ما أفاد به زيلينسكي.

وأعلن الرئيس الأوكراني استهدافاً روسياً لمناطق زابوريجيا ودونيتسك وجيتومير وخيرسون ودنيبرو ليلاً، وتعرضت مدينة زابوريجيا (جنوب) لهجوم بـ13 مسيرة، بحسب الشرطة التي أفادت بسقوط أربعة جرحى.

وبعد الضربات الجديدة على كييف، طالب زيلينسكي بـ"ضغط أكبر وعقوبات أشد" على موسكو، باعتبار ذلك السبيل الوحيد "لتمهيد الطريق للدبلوماسية".

وعلى خط الجبهة، أعلن الجيش الروسي الأربعاء أنه سيطر على بلدة ليبوفي الواقعة في شمال منطقة دونيتسك الأوكرانية (شرق)، إذ قتل شخصان في الصباح في أوليكساندرو كالينوفي جراء ضربات روسية، بحسب ما أكد الحاكم الأوكراني للمنطقة فاديم فيلاشكين.

كييف تدعو إلى وقف لإطلاق النار غير مشروط لمدة 30 يوماً

تدعو كييف إلى وقف لإطلاق النار غير مشروط لمدة 30 يوماً قبل التفاوض مع روسيا، وهو مقترح مدعوم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه مرفوض من نظيره فلاديمير بوتين.

وتعتبر موسكو من جهتها أن كييف ستستغل هذه الهدنة لإعادة التسلح وتشترط تلبية مطالب عالية السقف، أبرزها الاعتراف بضم خمس مناطق أوكرانية إلى أراضيها وتخلي كييف عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

ودعا نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس الأربعاء إلى "مفاوضات مباشرة" بين كييف وموسكو، في حين تواجه المحادثات غير المباشرة التي تقودها واشنطن بين الطرفين منذ نحو ثلاثة أشهر صعوبات كثيرة تمنع التوصل إلى نتائج وإيجاد حل للنزاع بين البلدين.