اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

كارثة إنسانية.. مصر ترفض مخطط التهجير وتدين التصعيد الإسرائيلي في غزة

وزير الخارجية المصري
محمود المصري -

في تطور خطير على الساحة الفلسطينية، أدانت مصر، على لسان وزير خارجيتها بدر عبد العاطي، ما وصفته بـ"القتل الممنهج" الذي تمارسه إسرائيل في قطاع غزة، رافضة بشكل قاطع ما تردد عن مصادقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على خطة لتوسيع العملية العسكرية. وفي مؤتمر صحافي عُقد الثلاثاء، أكد عبد العاطي أن المخطط الإسرائيلي ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تعثر وصول المساعدات وانهيار شبه كامل للبنية التحتية في القطاع.

تهديد بعملية موسعة وتهجير جماعي

ووفقاً لتقارير وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إسرائيل تعتزم توسيع عمليتها العسكرية في غزة بعد انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة، والمقررة في منتصف الشهر الجاري. وبحسب مسؤولين إسرائيليين، فإن العملية تشمل مخططاً لنقل سكان قطاع غزة – البالغ عددهم حوالي 2.5 مليون نسمة – قسرياً إلى جنوب القطاع، في تحرك يُنظر إليه من قبل أطراف دولية، ومن بينها مصر، على أنه تهجير جماعي مرفوض قانونياً وأخلاقياً.

هذه التسريبات أعادت إلى الواجهة سيناريوهات "النكبة الجديدة"، في ظل خشية حقيقية من ترسيخ أمر واقع ديموغرافي جديد، يفضي إلى تقسيم القطاع أو تفريغه من سكانه في مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني.

رفض مصري قاطع وتحذير من تفاقم الكارثة

الوزير المصري شدّد على ضرورة العودة الفورية إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في يناير الماضي، واستمر نحو شهرين. واعتبر أن التصعيد المستمر يُجهض أي محاولات للتهدئة، ويضاعف من المعاناة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون، لا سيما مع توقف دخول المساعدات الإنسانية لأكثر من 60 يوماً متواصلة.

قرار إسرائيل بوقف إدخال المواد الإغاثية منذ أوائل مارس/آذار، ترك نحو 80% من سكان غزة في ظروف معيشية مأساوية داخل خيام نازحين، دون ماء نظيف أو غذاء كافٍ أو رعاية صحية. وترى القاهرة في ذلك انتهاكاً صارخاً للمواثيق الدولية التي تضمن الحماية للمدنيين في أوقات النزاع، محذرة من أن استمرار هذا الوضع "لا يمكن أن يمر بصمت إقليمي أو دولي".

كارثة إنسانية تتكشف بالأرقام

العدوان الإسرائيلي، الذي بدأ عقب هجوم حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل أكثر من 52,500 فلسطيني، وفق تقديرات غير رسمية، وأدى إلى دمار واسع في معظم مناطق قطاع غزة.

في المقابل، تشير إسرائيل إلى أن الهجوم الذي أطلق شرارة الحرب أسفر عن مقتل 1,200 شخص في جنوبها، بالإضافة إلى أكثر من 250 رهينة، ما شكل ذريعة لحملة عسكرية مدمرة طالت المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمرافق الحيوية.

مأزق أخلاقي وامتحان للمجتمع الدولي

في ظل صمت دولي مطبق – أو تواطؤ ضمني كما تراه شعوب المنطقة – تبدو الأزمة في غزة وكأنها تمر في "فراغ أخلاقي" عالمي. المقاربات الأمنية وحدها تهيمن على المشهد، في تجاهل تام لحقيقة أن ما يجري على الأرض هو تفكك إنساني تام، وتهديد صريح لمبادئ القانون الدولي.

وقد تكون مصر من أوائل الدول التي بادرت لرفض هذا المسار، محذّرة من مغبة الانزلاق إلى مراحل أكثر دموية، ومؤكدة أن لا حل دائم دون العودة إلى مسار سياسي حقيقي يُنهي الاحتلال ويمنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.

سيناريوهات قاتمة أم فرصة أخيرة؟

بين حديث التهجير، وتصاعد العمليات العسكرية، وانقطاع الإمدادات الإنسانية، تقف غزة على شفير هاوية لا قاع لها. ومع كل يوم يمر، تتعاظم تكلفة الصمت وتزداد احتمالات التحول من كارثة إنسانية إلى تطهير عرقي موصوف.

في هذا السياق، يبدو صوت القاهرة – الرافض للمخططات الإسرائيلية – بمثابة ناقوس إنذار إقليمي، يحذر من أن التراخي الدولي ليس فقط موقفاً سلبياً، بل مشاركة غير مباشرة في جريمة مستمرة.

ويبقى السؤال: هل يستفيق الضمير العالمي قبل أن يُصبح ما يحدث في غزة فصلاً آخر من فصول "النكبات" التي اعتاد العالم التعايش معها؟.