اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

مايك بنس يفتح النار على ترمب.. خلافات في الرسوم الجمركية وروسيا والعفو تفضح الشرخ داخل التيار الجمهوري

مايك بنس
محمود المصري -

في تطور لافت في الساحة السياسية الأميركية، خرج نائب الرئيس السابق مايك بنس عن صمته المعتاد موجهاً سلسلة من الانتقادات غير المسبوقة لحليفه السابق دونالد ترمب، ما يكشف عن تصدع عميق في بنية التيار المحافظ داخل الحزب الجمهوري. جاءت هذه الانتقادات عبر مقابلة تلفزيونية مطولة مع شبكة CNN، أعاد فيها بنس التأكيد على تمايزه الأيديولوجي والسياسي عن ترمب في ملفات محورية مثل السياسة التجارية، الدعم لأوكرانيا، الحقوق الدستورية، والسياسات الصحية.

الرسوم الجمركية.. من استراتيجية إلى أزمة اقتصادية مرتقبة

أعرب بنس عن قلقه العميق حيال تحول سياسة ترمب التجارية من فرض رسوم محددة تستهدف الصين إلى نهج شامل يفرض رسوماً على الحلفاء والخصوم على حد سواء. ورأى أن هذه الاستراتيجية الجديدة تمثل "سياسة صناعية عشوائية" قد تؤدي إلى تضخم مفاجئ و"صدمة أسعار" تهدد سلاسة سلاسل التوريد في السوق الأميركي، خصوصاً مع انتهاء فترة التجميد الجمركي البالغة 90 يوماً. ووضع بنس موقفه بوضوح في إطار فلسفي، مؤكداً إيمانه بـ"التجارة الحرة مع الدول الحرة"، مقابل نزعة ترمب الحمائية.

الدعم لأوكرانيا.. مواجهة مفتوحة مع بوتين وأيضاً مع ترمب

في موقف حاسم، رفض بنس تهاون ترمب مع روسيا وانتقاده للدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا. ورأى أن تصديق ترمب لنية بوتين في السلام تجاه أوكرانيا يعكس سذاجة سياسية خطيرة. واعتبر أن تذبذب الإدارة في دعم كييف منح موسكو مساحة للمراوغة والمماطلة. وأكد أن فشل الغرب في دعم أوكرانيا قد يفتح الباب أمام حرب أوسع في أوروبا، خاصة إذا استهدف بوتين لاحقاً دولة عضو في حلف الناتو. وربط بنس هذا الطرح بعقيدة الرئيس الراحل ريغان القائلة بضرورة القتال في الخارج لمنع المعركة على الأراضي الأميركية.

6 يناير وسياسة العفو.. اختبار أخلاقي وقانوني

واحدة من أكثر النقاط حساسية في مواقف بنس كانت إدانته لقرار ترمب بالعفو عن أكثر من ألف من مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، وهو يوم كان فيه بنس نفسه مستهدفاً من قبل أنصار ترمب الذين هتفوا "اشنقوا مايك بنس". وقال إن العفو "يبعث برسالة خاطئة" ويقوّض الثقة في المؤسسات، رغم إقراره بالحق الدستوري للرئيس في إصدار العفو.

الصحة واللقاحات.. "تهميش حق الحياة"

رفض بنس تعيين روبرت كينيدي جونيور وزيراً للصحة بسبب مواقفه المؤيدة لحق الإجهاض وتشكيكه المستمر في فعالية اللقاحات. وانتقد ما اعتبره تقويضاً لثقة العامة في المنظومة الصحية، خاصة في ظل تصاعد أمراض مثل الحصبة. واعتبر أن وزارة الصحة مسؤولة عن قضايا "قدسية الحياة وحماية الضمير"، مما يجعل من تعيين كينيدي قراراً مقلقاً على المستوى القيمي والسياسي.

مواقف متوازنة.. إشادة بجهود مكافحة الهجرة غير الشرعية

رغم هجومه على ترمب في ملفات عدة، أبدى بنس دعماً لبعض رموز الإدارة، خاصة فيما يتعلق بجهود ضبط الحدود ومحاربة الهجرة غير النظامية، مشيداً بجهود توم هومان والمدعية العامة بام بوندي. لكنه شدد على ضرورة احترام الإجراءات القانونية حتى مع غير المواطنين، معتبراً أن الدستور الأميركي يضمن الحقوق الأساسية لكل من يعيش على أرض الولايات المتحدة.

الرسالة الأوسع.. معركة داخل التيار الجمهوري على هوية ما بعد ترمب

تصريحات بنس تعكس ما هو أعمق من خلاف سياسي آني؛ إنها علامة على صراع أيديولوجي حاد داخل الحزب الجمهوري بين تيار "الترمبية" الشعبوي وتيار "المحافظين التقليديين" الذي يرى نفسه وصياً على القيم الدستورية والدور القيادي العالمي لأميركا. ويبدو أن بنس، بعد منحه "جائزة جون كينيدي للشجاعة"، يشعر بثقل رمزي يمنحه شرعية نقد ترمب من داخل الحزب لا من خارجه.

تصاعد هذا الانقسام لا ينذر فقط بتعقيد الانتخابات التمهيدية الجمهورية، بل يهدد وحدة الخطاب السياسي اليميني في الولايات المتحدة، خاصة مع تنامي التحديات الخارجية وتعاظم القضايا الداخلية كالهجرة والاقتصاد والصحة العامة.