اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

أفغانستان تحت الحكم الحديدي.. تقرير أممي يكشف عمق الانتهاكات وقيود الحريات في عهد طالبان

طالبان
محمود المصري -

كشف تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) عن استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان تحت حكم حركة طالبان، خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025. التقرير، الذي جاء بعنوان «وضع حقوق الإنسان في أفغانستان»، يُعدّ توثيقاً صادماً للقيود المتزايدة المفروضة على النساء، ولقمع الحريات الدينية، والسياسية، والإعلامية، في مشهد يكرّس واقع دولة بوليسية تفرض أيديولوجيتها بالقوة.

النساء تحت الحصار.. حرمان من التعليم والعمل والتنقل


يشكّل قمع النساء المحور الأبرز في التقرير؛ إذ رصدت «يوناما» سلسلة من الانتهاكات المنظمة ضد النساء والفتيات، أبرزها القيود الصارمة على حرية التنقّل دون وجود محرم، والتي تحوّلت إلى تعليمات شبه رسمية وجهتها «شرطة الأخلاق» إلى المؤسسات الحكومية، والعيادات، والأسواق، وحتى سائقي سيارات الأجرة.


وفي مشهد يعكس الانحدار المتواصل لحقوق المرأة، استهلّ العام الدراسي الجديد للمرة الرابعة دون السماح للفتيات بعد الصف السادس بالعودة إلى مقاعد الدراسة، دون أي مؤشرات لنية طالبان التراجع عن هذا الحظر، ما ينذر بضياع جيل كامل من الإناث في الظلام التعليمي.

القمع الديني.. استهداف الطائفة الإسماعيلية والتمييز المذهبي


في إحدى أكثر الممارسات إثارة للقلق، وثّق التقرير إجبار أكثر من 50 رجلاً من أتباع الطائفة الإسماعيلية في ولاية بدخشان على تغيير مذهبهم. تعرّض الرافضون للتعذيب والضرب، فيما جرى إنشاء مدارس دينية لإعادة "تأهيل" الأطفال مذهبياً، في محاولة واضحة لفرض نسخة موحّدة من الإسلام السني، تقصي التنوع الديني والمذهبي الذي لطالما تميزت به أفغانستان.

عدالة بلا قانون.. الجلد العلني والقتل خارج القضاء


يُظهر التقرير أن طالبان استأنفت تطبيق العقوبات الجسدية العلنية، ومنها الجلد، حيث تم تسجيل 180 حالة خلال فترة التقرير، طالت رجالاً ونساءً وحتى قاصرات. كما وثقت «يوناما» مقتل ستة أفراد من عناصر أمنية سابقة واعتقال 23 آخرين تعسفياً، في ما يبدو أنه تصفية منهجية لكل من يُشتبه بانتمائه للنظام السابق أو لجبهة المقاومة.

الإعلام في قبضة الخوف

لم يسلم الإعلام من قبضة طالبان الحديدية، إذ فرضت السلطات حظراً على البرامج الحوارية السياسية، ومنعت التعاون مع وسائل الإعلام الخارجية، ما أدى إلى اعتقال صحافيين بتهم تتعلق بـ«التعامل مع جهات محظورة». وفي تصعيد إضافي، تم التضييق على الإذاعات النسائية، واشتُرط أن تكون تراخيصها باسم رجل، ما يقوّض فكرة تمكين المرأة حتى في الفضاء الإعلامي.

العنف القائم على النوع.. صمت رسمي وتناقض صارخ

رغم تصريحات المتحدث باسم طالبان، في يوم المرأة العالمي، بأن العنف ضد النساء "تراجع"، وثّق التقرير حالات زواج قسري وإجبار نساء على البقاء في علاقات زوجية مسيئة، ما يفضح الهوة بين الخطاب الرسمي والممارسات على الأرض.

في تطوّر لافت، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن تقديم طلبات لإصدار أوامر اعتقال بحق زعيم طالبان، هبة الله آخندزاده، ورئيس سلطتها القضائية، عبد الحكيم حقاني، بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، لا سيما الاضطهاد القائم على النوع. هذه الخطوة قد تفتح باباً قانونياً جديداً للمحاسبة الدولية على الانتهاكات المتكررة بحق المدنيين.

داعش يعود والحدود تشتعل

التقرير لم يغفل التهديدات الأمنية المتزايدة، حيث أشار إلى وقوع هجمات دموية تبناها تنظيم «داعش – ولاية خراسان»، إلى جانب اشتباكات حدودية مع باكستان، سقط فيها مدنيون ضحايا. كما تواصل الألغام ومخلفات الحرب حصد أرواح الأبرياء، خصوصاً الأطفال، ما يفاقم الكارثة الإنسانية في البلاد.