اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي

طولكرم تحت الحصار.. 99 يومًا من العدوان الإسرائيلي والتدمير المنهجي للمخيمات والبنية المدنية

الاحتلال
محمود المصري -

تدخل مدينة طولكرم ومخيميها – مخيم طولكرم ومخيم نور شمس – يومهما الـ99 و86 على التوالي من العدوان الإسرائيلي المتواصل، في ظل تصعيد عسكري ممنهج، يرافقه حصار خانق وتدمير للبنية التحتية ونزوح جماعي للسكان، في واحدة من أطول العمليات الإسرائيلية وأكثرها دموية واستهدافًا للمجتمع المدني بالضفة الغربية.


حصار مستمر وانتهاكات يومية



منذ ما يقارب المئة يوم، تحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة طولكرم، وتشن مداهمات متكررة لأحيائها السكنية، مع تركيز واضح على مخيمي طولكرم ونور شمس، اللذين يتعرضان لحملة تجريف وتفجير وتهجير قسري متصاعدة.
في مخيم نور شمس شرق المدينة، شهد صباح اليوم انتهاكًا فاضحًا لحقوق الإنسان، بعد أن احتجزت قوات الاحتلال عددًا من سكان المخيم أثناء محاولتهم دخول منازلهم لإحضار مقتنياتهم الشخصية رغم حصولهم على تنسيقات مسبقة، كما احتُجزت طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، بعدما رفضت المديرة المسؤولة الخضوع للتفتيش الجسدي من قبل جنود ذكور، لغياب مجندات.


قرارات هدم ونزوح جماعي



أبلغت قوات الاحتلال خمس عائلات في حارة المنشية بإخلاء منازلها المكونة من 15 وحدة سكنية بين الساعة 8 صباحًا و12 ظهرًا، ضمن سلسلة إخطارات جماعية طالت أكثر من 100 منزل في المخيمين. وتشير البيانات إلى صدور قرارات بهدم 106 منشأة سكنية، بينها 58 في مخيم طولكرم و48 في نور شمس، ما أدى إلى نزوح قسري لما يزيد عن 4200 عائلة (نحو 25 ألف مواطن).
وبحسب الإحصاءات، تعرّض 396 منزلًا للهدم الكامل، و2573 منزلًا لأضرار جزئية متفاوتة، وسط استمرار إغلاق مداخل المخيمات وأزقتها بالسواتر الترابية، ما يمنع تنقل السكان ويعزلهم تمامًا عن المدينة وباقي مناطق الضفة الغربية.


انتهاكات ميدانية واعتداءات ليلية

في تطورات ميدانية، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب إبراهيم أبو زهرة فجر اليوم، خلال مداهمة عمارة عائلته في ضاحية ذنابة شرق المدينة، حيث استولت على مبالغ مالية كبيرة من الشقق السكنية.
كما شهدت أحياء المدينة الشرقية ودواراتها الرئيسة تحركات عسكرية مكثفة، تخللتها إجراءات استجواب ميداني وتوقيف للمركبات والمواطنين، في إطار حملة ترهيب ممنهجة، وصلت حد تشغيل أغانٍ عبر مكبرات الصوت وهتاف "تكبير" من أحد الجنود في ميدان جمال عبد الناصر، في محاولة لاستفزاز مشاعر الأهالي.


تصعيد شامل وتحويل منازل إلى ثكنات

تمارس قوات الاحتلال استراتيجية الاستيلاء على المنازل في شارع نابلس والحي الشمالي المجاور له، وتحويلها إلى مواقع تمركز عسكري بعد إخلاء سكانها بالقوة، وسط تمركز جرافات وآليات عسكرية في محيط تلك المباني.
وتزامنًا مع الحصار، تنتشر القوات بكثافة في محيط المخيمين وتطلق الرصاص الحي والقنابل الصوتية والضوئية بشكل مستمر، مع تسجيل سماع دوي انفجارات بشكل متقطع، ما يفاقم الضغط النفسي والمعيشي على السكان المحاصرين.


الخسائر البشرية والمادية



أسفر العدوان المتواصل عن استشهاد 13 مواطنًا، بينهم طفل وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، فضلًا عن عشرات المصابين والمعتقلين. كما تضررت البنية التحتية والمحال التجارية والمركبات بشكل بالغ، عبر الهدم، الحرق، التخريب، والنهب، في مشهد يعكس نهج العقاب الجماعي الذي تنتهجه إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين.

ما يجري في طولكرم ومخيميها لا يمكن فصله عن السياسة الإسرائيلية الأوسع المتمثلة في كسر إرادة الفلسطينيين بالمخيمات كرمز للمقاومة والصمود، وذلك عبر التهجير القسري والتجريف الممنهج للبيئة الحضرية. وتبدو الإجراءات المتخذة بمثابة محاولة لتفريغ المخيمات من سكانها وتحويلها إلى مناطق عازلة عسكرية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.