«المعركة تصل الشرق».. هجوم بالطائرات المسيّرة على بورتسودان وتفاقم الوضع في دارفور

يشهد السودان تصعيداً خطيراً في الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ امتد نطاق المواجهات ليشمل مناطق كانت تُعدّ آمنة نسبياً منذ اندلاع القتال في أبريل 2023. التطور الأبرز تمثّل في استهداف مدينة بورتسودان، التي تعتبر العاصمة الإدارية الفعلية للبلاد حالياً، بهجمات بطائرات مسيّرة، وهو تحول نوعي في مسرح العمليات العسكرية.
وفقاً لتصريحات الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد نبيل عبد الله، فقد نفذت قوات الدعم السريع، يوم السبت، غارات بطائرات دون طيار استهدفت قاعدة عثمان دقنة الجوية القريبة من مطار بورتسودان، إلى جانب مستودع بضائع وعدد من المنشآت المدنية. وأشار إلى أن الدفاعات الأرضية تمكنت من إسقاط بعض هذه الطائرات، فيما تسبب بعضها الآخر في أضرار محدودة، شملت انفجارات بمخزن ذخائر داخل القاعدة، دون تسجيل إصابات بشرية.
اللافت أن هذه الهجمات تُعدّ الأولى من نوعها على المدينة الساحلية الواقعة شرقي البلاد، التي كانت حتى الآن بمنأى عن نيران المعارك المباشرة. ويمثل هذا الهجوم مؤشراً مقلقاً على اتساع رقعة الصراع، خصوصاً أن بورتسودان تؤوي عدداً كبيراً من مؤسسات الدولة التي نقلت عملياتها الإدارية إليها بعد تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة الخرطوم.
تصعيد جديد
تزامن ذلك مع تصعيد آخر في دارفور، تحديداً في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. فقد شهد المحور الشمالي الشرقي للمدينة اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأعلن الجيش أنه تمكّن من صد الهجوم، في حين أشار متحدث باسم القوة المشتركة الداعمة له إلى تكبيد الدعم السريع "خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".
وتتحدث تقارير أممية عن "فظائع" وقعت بعد استيلاء جماعات مسلحة مرتبطة بالصراع على مخيم زمزم للنازحين، ما يثير مخاوف من تكرار سيناريوهات الإبادة والانتهاكات الواسعة التي شهدها الإقليم في العقدين الماضيين.
أبعاد استراتيجية وأمنية
يمثل استهداف بورتسودان تصعيداً لافتاً من قبل قوات الدعم السريع، سواء من حيث البعد الرمزي كعاصمة إدارية بديلة، أو من حيث التحدي المباشر للسيطرة الجوية والقدرات التقنية للجيش. ويكشف استخدام الطائرات المسيّرة عن تطور نوعي في قدرات الدعم السريع، ما يثير تساؤلات حول مصادر التقنية والتمويل.
أما في دارفور، فإن عودة العنف إلى مدينة الفاشر — آخر كبرى مدن الإقليم التي لا تزال خارج سيطرة الدعم السريع — تنذر بانزلاق الوضع نحو مرحلة أشد فتكاً، وسط تحذيرات من تفكك إضافي للدولة وموجات نزوح كارثية.
كما تعكس الهجمات الأخيرة تحولاً خطيراً في مسار الحرب السودانية، من حرب تتركّز في العاصمة والمناطق الوسطى إلى صراع واسع يشمل شرق البلاد وغربها. وبينما يحاول كل طرف تعزيز مواقعه ميدانياً، يدفع المدنيون ثمن هذا الصراع، في ظل غياب أي أفق لحل سياسي، وتراجع ملحوظ في فاعلية الجهود الدولية.